اطلعت على معلومة، أن الشاعر الكبير شاعر الملوك الشيخ أحمد بن إبراهيم الغزاوي ليس من غزة؛ بل غزة منه. ولقد تعرفت على الشيخ محمد حسين نصيف، وكان من أعيان جدة، حين اصطحبني والدي إلى منزل آل نصيف في شارع العلوي بجدة. وقد اختار لي الشيخ نصيف- رحمه الله- كتابًا في أنساب قبائل العرب، وقال لي: خذ هذا الكتاب يا بني مدة أسبوع تقرأه وترجعه. وللأسف فقد أرجعته دون أن أقرأه. وبعد سنين طويلة علمت أن هذا الوجيه- رحمه الله- كان يتحرى حاجات الناس. وقد زاره في مكتبته أحد المطوفين؛ فتفرس الوجيه من رؤية أسارير المطوف أنه في ضائقة خانقة؛ فأخرج صرة بجوار كرسيه، وقال للمطوف: هذه الصرة فيها دنانير من الذهب تركها عندي أمير قطر، ويريد من يحج بالنيابة عن والدته- رحمها الله. فهل تقبل بذلك؟ فأسرع المطوف بالإجابة، وأخذ الصرة، أو قل خطفها من يد الشيخ متلهفًا على ما فيها. ولما استأذن المطوف بالعودة إلى مكة، قال له الوجيه: لكن عندي سؤال يا شيخ. فقال المطوف: تحت أمرك يا سيدي. فقال الوجيه: على أي مذهب سوف تحج بالنيابة عن والدة أمير قطر؟ فقال على البديهة، وقد خشي أن تفلت منه الصرة: على المذاهب الأربعة. فضحك الوجيه طويلًا.
وكان الوجيه يستقبل كثيرًا من الناس من أشتات مختلفة. وذات يوم دار الحديث في مجلسه عن الزواج، فقال أحد الحضور: يقولون إن الزواج مثل برميل فيه طبقة علوية من العسل إلى النصف، ولكن النصف الثاني تحته طبقة من القطران. فضحك الوجيه؛ فسأله سائل ما الذي أضحكك يا شيخنا؟ فقال وهو يهتز من الضحك: أنا دخلت البرميل بالمقلوب.
ودارت الأيام، واحتجت أثناء البحث؛ لأجل تجميع مادة كتاب إلى جواب عن قبائل العرب، ووجدت أننا في الجزيرة العربية قبيلتان كبيرتان؛ هما عدنان وقحطان. وكان من عدنان سيدنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- واستقبله الأنصار في المدينة ونصروه، وهم من قحطان. لكن اختلف المؤرخون في قبيلة قضاعة؛ فمنهم من يقول: إنها من عدنان، ومنهم من يقول: إنها قحطانية، وثالث يقول: إنها مستقلة؛ لا من عدنان ولا من قحطان.
وتذكرت وقتها الكتاب الذي استعرته من الشيخ محمد نصيف- رحمه الله. فلعل فيه إجابة شافية عن عدنان وقحطان وقضاعة. ولعل فيه تفسيرًا لكلام الشيخ أحمد بن إبراهيم الغزاوي بأنه غزاوي من حي الغزة بمكة المكرمة، وأنه من هذا الحي اقتبست غزة هاشم اسمها.
نصيف
