اجتماعية مقالات الكتاب

أنين الحيارى

كَدَأْب الكثير من أبناء جيلي ، كان الكتاب متعة كبيرة نتباهى بها ونتسابق إليها ، ولا فضل لنا في ذلك فلم يكن أمامنا من متعة وقضاء الوقت وخاصة في الإجازات المدرسية سوى القراءة وتبادل الكتب ،
وكان أفضل الطرق لإقتناء الكتاب هو البحث عنه في”بسطات” الكتب المستعملة وأذكر أن بائعا للكتب القديمة والمستعملة كان يجلس في أطراف الحراج يفترش الأرض عارضاً الكثير من العناوين المغرية لكتب الأدب والفقه والتراجم بعضها أقرب للجديد وبعضها نال منها الدهر أو الإهمال أو العثّة ويجمع كل هؤلاء السعر الزهيد الذي كنا نقدر عليه من مصروف المدرسة .

وفي كثير من الأحوال كانت الكتب القديمة أو المستعملة تحمل أسماء أصحابها وأرقام هواتفهم وأحيانا عناوينهم وأجمل ما كنت أجد فيها الإشارات على الأسطر والعناوين العامة والتعليقات على الهامش ولا زلت أحتفظ بكتاب فيه من التعليقات والإشارات من قارئه ما يعادل عمل المؤلف وكان مقارنة بين شعر عمر بن أبي ربيعة ونزار قباني إشتريته من جدة عليه عنوان طالبة في كلية الآداب من جامعة حلوان بمصر ولا أدري كيف وصل إلى الحراج ثم انتهى في مكتبتي منذ كنت في الثانوية ؟

وكان من أروع ما أقتنيت من الكتب المستعملة، الطبعة الأولى من “ملوك العرب” لأمين الريحاني وعليه إهداء المؤلف للشيخ محمد الطويل أحد رجال الحجاز الكبار المشهورين ، ويؤلمني اليوم أني فقدت هذاالكتاب ولا أدري كيف ضاع مني!

وفي الأشهر الأخيرة وأنا أعيد ترتيب مكتبتي وقد انتقلت بها إلى بيت جديد وقع في يدي كتاب مستعمل أظنني اقتنيته من زمن طويل من تأليف د. عبدالله منّاع بعنوان: (أنين الحيارى) نشرته الشركة التونسية للتوزيع في بداية السبعينيات الميلادية وكنت بالصدفة يومها ذاهباً للقائه في إجتماعنا الأسبوعي الذي ينظّمه الأستاذ عبدالله رواس مع بقية محبي الدكتور المنّاع وصفوة أصدقائه وعقدت العزم أن أفاجئه به وأهديه له ولكني تراجعت عن فكرة الإهداء بعد أن قرأت إهداءً من ( خالد) وهو صاحب الكتاب أو مالكه قبلي والذي من المؤكد أنه اشتراه من عهد بعيد قبل أن يصل إلى يدي إهداء خالد وتوقيعه مكتوب بخط أنيق واضح في عبارة رقيقة تتدفق دفئاً ولطفاً إهداءً موجهاً الى غاليته.

يقول خالد في إهدائه لكتاب “أنين الحيارى” لكاتبه الدكتور عبدالله منّاع ( مع أهدائي لك هذا الكتاب أرجو أن أكون قد وفقت في اختياره .. راجياً أن تجدين المتعة كل المتعة خلال مواضيعه المليئة بالمواقف الإنسانية التي حبذا لو أنها تكون سبباً في فتح نافذة على تلك الدنيا موضحة كل ما هو جميل).

sal1h@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *