المحليات

المملكة وبريطانيا .. شراكة استراتيجية وفرص استثمارية بـ 100 مليار دولار في 10 سنوات

إعداد – عبدالله صقر

في الثالث من مايو من العام 1966، نشرت صحيفة” البلاد” في صدر صفحتها الأخيرة تحت عنوان (25 مليونا صادراتنا إلى بريطانيا) تصريحا صحفيا لوزير التجارة والصناعة على هامش الحفل التكريمي للوفد التجاري البريطاني الزائر للمملكة، في زيارة تعد الأولى في حينه لوفد تجاري بريطاني بذاك المستوى، منذ أن بدأت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1927م،


وتعززت بعد اللقاء التاريخي الذي جمع الملك المؤسس مع رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل في فبراير 1945م حيث شهدت تطورا مستمرا في جميع المجالات.

وقد عمل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بعد توليه الحكم على تطوير العلاقات الخارجية مع دول العالم، وفتح آفاقٍ أوسع للتعاون، بما يخدم المصالح المشتركة، ويحقق الاستقرار والسلم العالمي، ومن ضمنها المملكة المتحدة.

كما كان للجهود المثمرة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، أكبر الأثر في توثيق وتعزيز أوجه التعاون، وبناء شراكات استراتيجية، تسهم في خدمة المصالح المشتركة بين المملكتين، بما يتسق مع رؤية المملكة 2030 باعتبارهما قوتين مؤثرتين على الساحة الدولية.

وعمل على تكريس مبدأ العمل المشترك، وتعزيز الشراكة الاقتصادية وتوثيق التعاون الثنائي في المجالات كافة، لاسيما الجانب الاقتصادي، وشهدت العلاقات المزيد من الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين، ما أسهم في دعمها، وتوطيدها، وشهد التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين خلال السنوات الأخيرة نسقا تصاعديا وتطورا ملموسا على جميع الأصعدة؛ خاصة في مجال الاستثمار والتبادل التجاري، وتعد المملكة أكبر شريك تجاري في الشرق الأوسط لبريطانيا التي تشغل المركز الخامس من بين الدول المصدرة للمملكة، وحقق برنامج التوازن الاقتصادي المنبثق من اتفاقية اليمامة الموقعة بين البلدين نتائج مميزة في العديد من المشروعات التنموية داخل المملكة. ووفقا لتقرير الإحصاءات السعودية خلال عام 2016م بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 17 مليار ريال، حيث بلغت صادرات المملكة أكثر من 5 مليارات ريال، بينما بلغ إجمالي وارداتها من بريطانيا أكثر من 12 مليار ريال. كما يوجد 374 ترخيصا استثماريا بريطانيا قائما في المملكة، يقدر إجمالي رأسمالها بنحو 3.4 مليار دولار، وتبلغ حصة الشريك البريطاني منها 1.5 مليار دولار. بينما تعمل أكثر من 200 شركة بريطانية في المملكة وبلغ عدد الشركات البريطانية المتعاملة مع السوق السعودي أكثر من 6000 شركة. وفي مارس 2018م، قام سمو ولي العهد بزيارة رسمية إلى المملكة المتحدّة بدعوة من حكومة صاحبة الجلالة الملكة إليزابيث الثانيّة، وأسفرت الزيارة عن صدور بيان مشترك، أكدت فيه بريطانيا دعمها القوي لرؤية المملكة 2030، وبرنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الهادف إلى تنويع الاقتصاد، وتحوّل المملكة إلى قوة استثمارية رائدة ومحورا للربط والتواصل مع العالم، وتحسين مهارات رأس المال البشري وقدراته.

وشهدت الزيارة عقد عدد كبير من الصفقات التجارية الرئيسة، التي تم الاتفاق عليها بقيمة تتجاوز ملياري دولار. كما وافق صندوق الاستثمارات العامة على العمل بشكل وثيق مع الجانب البريطاني لتحديد فرص الاستثمار ذات المنفعة المتبادلة في بريطانيا وغيرها، بما يتماشى مع رؤية 2030 . كما اتفق البلدان على إنشاء مجموعات مشتركة من القطاع الخاص لدعم التوسع في القطاعات الرئيسة المحددة في الرؤية 2030، بما في ذلك الخصخصة وإدارة الأصول والعقارات وعلوم الحياة والتقنية. ونتج عن الزيارة إطلاق مجلس الشراكة الاستراتيجية السنوي؛ ليكون آلية رئيسة لحوار منتظم لتعزيز كل جوانب العلاقة الثنائية، وشراكة طويلة الأجل وتقييم الفرص والاستثمارات المتبادلة مع بريطانيا من قبل صندوق الاستثمارات العامة، بما في ذلك التعليم والتدريب والمهارات، والخدمات المالية والاستثمارية، والثقافة والترفيه، وخدمات

الرعاية الصحية وعلوم الحياة، والتقنيّة والطاقة المتجددة، وصناعة الدفاع، بقيمة متوقعة لتلك الفرص مجتمعة تصل إلى 100 مليار دولار على مدى عشر سنوات، ويستهدف من ضمنها صندوق الاستثمارات العامّة استثمارات مباشرة تهدف إلى أن تصل إلى 30 مليار دولار.

وفي يوليو من العام الماضي 2020 م عقد مجلس الأعمال السعودي البريطاني المشترك اجتماعه نصف السنوي افتراضياً بحضور وزير الاستثمار في إدارة التجارة الدولية البريطاني جيري غريمستون، ونائب رئيس مجلس الغرف السعودية المهندس طارق الحيدري، حيث تم الإعلان عن رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين، ليبلغ نحو 19 مليار ريال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *