قضية

عملتنا عصية على التزييف

جدة – رانيا الوجيه – نجود النهدي

تزييف النقود من أخطر عمليات التزوير في المطلق ، لتأثيرها السلبي على الاقتصاد، في مختلف أرجاء العالم وذلك لصعوبة اكتشافها فمن الممكن أن يتم تداول النقود المزيفة بين الباعة والمشترين دون علمهم بأنها مزورة، خاصة مع التقدم التكنولوجي في عمليات الطباعة التي يستخدمها المزورون، والذين مهما تفننوا في عملياتهم فإنهم يقعون في أيدي الجهات المختصة.

وتشير الحيثيات إلى أنه في الغالب الأعم فإن النساء “البائعات” في الشوارع الأكثر وقوعا في مصيدة النقود المزيفة لقلة خبرتهن وعدم تمييزهن بين النقود المزيفة والصحيحة، فضلا عن عدم امتلاكهن في الغالب لآلية الدفع الإلكتروني لافتقادهن هذه الثقافة وتواضع بضاعتهن.

وفي وقت دعا فيها عدد من المختصين إلى ضرورة اعتماد آليات الدفع الإلكتروني كشف البنك المركزي السعودي عن تضمين العملة بجميع إصداراتها من العملة افضل وأقوى العلامات الأمنية والخصائص الفنية التي يصعب تزييفها، وتمريرها على المتداولين، إلى جانب تصميم إصداراتها بفئاتها المعدنية والورقية المتعددة وفقاً لأحدث التقنيات والمعايير العالمية.

فاطمه شعراوي (بائعة في بسطة مأكولات) تقول: أغلب السيدات اللاتي يعملن في بيع المأكولات على الطرقات هن في الأصل ربات بيوت لا يملكن الخبرة الكافية لكشف النقود المزيفة بالإضافة إلى أن تعاملهن مع الزبائن عن طريق الدفع النقدي فقط، وتستحضر الفخ الذي وقعت فيه بقولها: لم أكن أعلم كيفية التمييز بين النقود المزيفة والسليمة، ويوم ما بعد عودتي للمنزل طلبت من ولدي أن يعد النقود وهو من نبهني أن في وسط الإيراد عملة مزيفة من فئة 100 ريال ، ولم أتذكر من هو الزبون صاحب الـ 100 المزيفة ، كما علمني ولدي كيف أستطيع التمييز من خلال العلامات وملمس الورقة وألوانها، وغيرها من الفحص اليدوي الأولي، مما جعلني بعد ذلك أكثر وعيا وحرصا على التأكد من صحه وسلامة النقود قبل أخذها وصرفها لأي شخص.

وسط الزحمة
وتقول أم بندر العتيبي بائعة في أحد عربات الطعام المتنقلة: في أكثر الأوقات يلجأ هؤلاء النصابون الى انتهاز وقت الازدحام ويدخل بين الناس ليرمي بالفلوس المزورة ويأخذ الباقي نقودا سليمة ويذهب سريعا ، وقد تكرر هذا الموقف أكثر من مرة معي وكانت الضربة القاصمة عندما صرفت 500 ريال مزيفة لشخص اشترى بعض المأكولات بقيمة 50 ريالا وأعطاني مبلغ الـ 500 ولم أتمعن بها جيدا وأعدت له الباقي 450 ريالا وفي آخر اليوم عندما كنت أعد حصيلة عملي تمعنت في ورقة الـ 500 ولاحظت أن هناك شيئا غريبا من حيث سماكة الورق، وألوانه، هنا قررت أن أعتمد على نظام الدفع عن طريق الشبكة ، وأن أتأكد جيدا من صحة النقود قبل أخذها. وعموما نحن كبائعات على الطرق نعتبر هدفا لمزوري النقود.

عقوبة التزييف
وتتوالى حكايات الضحايا.. وقد تختلف في بعض التفاصيل وتتشابه غاليا في النتائج.. لكن ماذا عن المزورين ؟ .. يقول المحامي فارس الصويان: كل من تعمد بسوء قصد، تغيير معالم النقود المتداولة نظاماً في داخل المملكة العربية السعودية، أو تشويهها، أو تمزيقها، أو غسلها بالوسائل الكيماوية، أو إنقاص وزنها، أو حجمها، أو إتلافها جزئياً بأية وسيلة يعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين ثلاث سنوات وخمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف ريال ولا تتجاوز عشرة آلاف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين.
ولتجنب الوقوع في فخ التعامل مع النقود المزيفة والمقلدة يقول الصويان: لابد من تفحص العملة جيداً والتأكد من الخط الفاصل بالنقود ومن طبيعة الورق النقدي وفي حال الشك يجب إبلاغ الجهات المختصة بذلك تفادياً للوقوع بالخطأ.

صور المخالفات
ويقول القانوني عادل رشيد المالكي: النظام السعودي في الفرع الجنائي منه أورد صور المخالفات ونظم أحكام العقوبات عليها وبذلك لا يجوز الخروج عما أورده القانون من صور المخالفات ولا تقرير عقوبة مغايرة لما قرره النظام والحكمة من ذلك ضبط السلوك وسياسة إيقاع الجزاء بعد تحقق ركني الجريمة وفق عرف وسياسة البلد ما قرره نظام مكافحة وضبط جرائم التزوير.
وقد عرفها المنظم بأنها كل تغيير يتم بإحدى الطرق المنصوص عليها في هذا النظام حدث بسوء نية قصداً للاستعمال فيما يحميه النظام من محررٍ، أو خاتمٍ، أو علامةٍ، أو طابعٍ، وكان من شأن هذا التغيير أن يتسبب في ضرر مادي أو معنوي أو اجتماعي لأي شخص ذي صفة طبيعية أو اعتبارية وفي هذا النص أورد وحصر المنظم شكل التزوير وبين العلة التي بموجبها يقاس عليها. ولا يجوز الخروج عن هذه الصور إعمالاً لمبدأ لا عقوبة إلا بنص أي نص على أن هذه جريمة وأن عقوبتها كذا. واضاف المالكي: من صور جرائم التزوير تزييف العملة النقدية وهو تزوير كل محرر مسطور يتضمن حروفاً أو علامات ينتقل بقراءتها الفكر إلى معنى معين أو صنع طابعٍ، لا أصل له أو مقلدٍ من الأصل أو محرَّفٍ عنه ونظم عقوبتها بنص صريح في مادته الثالثة عشرة حيث يقول: من زوّر أوراقاً تجارية، أو مالية، أو الأوراق الخاصة بالمصارف، أو وثائق تأمين؛ يعاقب بالسجن من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على أربعمائة ألف ريال.
وقضايا التزوير خصوصاً من الجرائم المخلة بالأمانة والتي تتضمن عقوبة تبعية ومسلكية.
ويستفاد من نص المادة أن الحد الأدنى السجن لمدة سنة والحد الأعلى لعقوبة السجن لمدة خمسة سنوات والحد الأعلى للغرامة أربعمائة ألف ريال وتقرر المحكمة الاكتفاء بأحدهما أوكليهما حسب ظروف وجسامة الجريمة.
ويرى المالكي ان من الوسائل القانونية الوقائية من الوقوع في استعمال العملات المزيفة تقليل استخدام الكاش والاعتياد على التعامل الإلكتروني، وكذلك معرفة شكل وعلامات الورقة النقدية الأصلية وفق ما نصت عليها تعليمات البنك المركزي والتحقق من تطبيقها أثناء التعامل وكذلك عدم التعامل المالي مع مجهول مصدر التجارة أو المخالف لأحكام الأنظمة التجارية وعدم الصرف إلا من الجهة الرسمية والقيام بالإبلاغ للبنك المركزي في حال الشك في وجود عملة مزيفة.

تقنيات الكشف
وعن خطوة جريمة تزوير النقود وتأثيرها السلبي على الاقتصاد يقول المستشار الاقتصادي عبد العزيز إسماعيل داغستاني: عرض النقود الذي يشرف عليه البنك المركزي في كل دولة يخضع لمتابعة دقيقة تستند على معايير تراعي الحالة المالية والاقتصادية التي يعيشها الاقتصاد وتستجيب لما يتطلبه من قرارات وإجراءات، وانتشار ظاهرة النقد المزور يحدث خللاً في عرض النقود ويكون خارج نطاق النظام المالي والمصرفي الرسمي. ولهذا تراقب الجهات الأمنية والمالية في كل دولة هذا الموضوع والذي يعتبر جريمة كاملة الأركان، وتعمل كثير من الدول على توفير أجهزة خاصة تكشف النقود المزورة في محاولة لوضع عرض النقود في مساره الصحيح.

علامات أمنية
كشف البنك المركزي السعودي لـ»البلاد» عن الحرص البالغ على تضمين العملة بجميع إصداراتها افضل وأقوى العلامات الأمنية والخصائص الفنية التي يصعب تزييفها، وتمريرها على المتداولين، إلى جانب تصميم إصداراتها بفئاتها المعدنية والورقية المتعددة وفقاً لأحدث التقنيات والمعايير العالمية التي تليق بمكانة عملة المملكة والمركز الرائد لمؤسسة النقد، والتي تعزز ترسيخ الثقة بمتانة وسلامة الريال السعودي. ويهتم البنك المركزي بنشر ثقافة الوعي المعرفي لدى المتداولين بالنقد؛ بأهمية العملة الوطنية وتداولها على كافة الأصعدة، وقد تصدى البنك المركزي لهذه الحالات من خلال حماية العملة من التزييف الدقيق ولكي يتسنى للمواطنين والمقيمين مقارنة هذه الميزات بالأوراق النقدية غير السليمة أن وجدت . وبالتالي قد أصدر البنك المركزي الإصدار السادس للعلامات الأمنية في النقود وتتضمن الورقة النقدية الجديدة العديد من المعالم والميزات الأمنية من أهمها ما يلي:
-الشريط الفضي اللامع
-الشريط الأمني ثلاثي الأبعاد
-طبقة الأحبار الخاصة
-الطباعة البارزة
-الأشكال الفسفورية
-العلامة الخاصة بالمكفوفين وضعاف البصر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *