اجتماعية مقالات الكتاب

أطفالنا وطوفان المعلومات

إن العالم يعيش في هذه المرحلة ثورة المعلومات وانفجار المعارف المتدفقة من وسائل التكنولوجيا والاتصالات والبرمجيات، حيث غدت تكنولوجيا المعلومات عنصراً جوهرياً في عملية الإنتاج الحديث، كما أن التقدم المضطرد في مجال العلم والتكنولوجيا قد حول العالم إلى مجتمع واسع للمعرفة والإدراك.

ووسط هذا الطوفان من المعلومات المتلاحقة والكم الكثيف من المعرفة من خلال وسائط التقنية، ينبغي علينا معرفة موقع أطفالنا منه، والكيفية المثلى لتعاملهم واستفادتهم من وسائط التكنلوجيا المتطورة ومعلوماتها وتنشئتهم عليها، والتداعيات الإيجابية والسلبية التي يمكن أن تلقي بظلالها عليهم ومدى أهمية تزويدهم بالمعرفة لبناء جيل واع متسلح بالعلم والتكنولوجيا.

إن هنالك عدة مشكلات في هذا الجانب أهمها اتباع المجتمع بل تمسكه إلى يومنا هذا ببعض الطرق التقليدية لتوصيل المعلومات وترسيخها في نفوس الأطفال، ومهما صاحب هذه الطرق من أساليب التشويق والجذب وغيره، إلا أنها تظل ضئيلة الجدوى بالقياس إلى وسائل التعليم الحديثة التي تعتمد استخدام التكنولوجيا الحديثة، ذلك أن عملية اكتساب المعرفة لدى الأطفال لازالت مقصورة على الجهود الذاتية سواء من جانب البيت أو المدرسة وهذا في حد ذاته إخفاق يحول دون ولوج الأطفال إلى عالم البرامج والبرمجيات الحديثة بمعارفها المتشعبة ووسائلها المشوقة للابتكار والاختراع بعيداً عن الحفظ والتلقين، لا سيما أن عقلية طفل اليوم تتسم بالنضج، وحري بالقائمين على تربية هؤلاء النشء أن يكونوا على مصاف المواكبة والمستوى المتلاحق لتلك الوسائط.

إن دولاً عدة قد جعلت من الحواسيب وأدوات التقنية الصغيرة أساساً لتعلم الأطفال الذين غدوا يروحون إلى مؤسساتهم التعليمية مستصحبين إياها دونما حقائب أو دفاتر ورقية عفا عليها الزمن، فالطفل مستقبلاً إن لم يكن الآن لن تصبح لديه كراسة وكتاب وقلم وممحاة، حيث سينتهي أدوار كل تلك الأدوات، وتصبح مجرد ذكرى محفورة في مخيلته.

لقد أضحى للتكنولوجيا الراهنة دور مهم لاكتساب الطفل للمعارف المختلفة وتوسيع مداركه من خلال الأجهزة الحديثة كالآيباد والهواتف الذكية وغيرها، إلا أنه يجب الأخذ في الحسبان سلبيات تلك الأجهزة على أطفالنا ومنها ميلهم للتوحد والانعزال وتفضيل قضاء الأوقات معها بعيداً عن الآخرين، بجانب الأضرار الصحية الناجمة عن مكوث الأطفال لساعات عديدة أمام تلك الأجهزة، علاوة على الانفتاح اللامحدود الذي قد يعرضهم لاطلاعهم على محتويات لا تتناسب مع عقلياتهم المحدودة التي تعجز عن فرز الغث من السمين، ومن هنا يأتي دور الأسرة في رعاية وتوجيه الأطفال للاستخدام الأمثل لتلك الأجهزة بغية الاستفادة السليمة منها والحد من تداعياتها السالبة على أجيال المستقبل.
باحثة سعودية

J_alnahari@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *