متابعات

روشتة لعلاج التأخر الدراسي لدى الطلاب

جدة – نجود النهدي – إيمان بدوي

من أهم المشكلات التي يواجهها الطلاب في حياتهم الدراسية مشكلة التأخر الدراسي، حيث يعاني الطلبة والآباء والمدرسون من هذه المشكلة الناتجة بفعل عوامل نفسية وتربوية واجتماعية مختلفة؛ لذلك أولى علماء النفس والتربية والمعلمون وأولياء الأمور اهتماماً كبيراً بهذه المشكلة، وبوجهٍ خاص، فإن ضعف التحصيل الدراسي يعود لأسباب عقلية أو جسمية أو اجتماعية أو انفعالية، ما يؤدي إلى انخفاض مستوى التحصيل عن معدله الطبيعي لدى هؤلاء.

وأكد مختصون أن هناك عددا من البرامج لعلاج ضعف التحصيل الدراسي؛ منها تعريف إدارة المدرسة، وإيجاد جو من الألفة بينهما، ثمَّ تبصير الطالب بمشكلته، وتشجيعه على تعديل سلوكه الدراسي والعملي لرفع مستواه الأكاديمي، وتحقيق التفوق في المجال الدراسي، فضلا عن مراجعة المناهج وأساليب التدريس التي تعلم الطلاب المتأخرين عن الدراسة بها.

في هذا السياق، أوضحت مستورة عبد الله الوقداني – مديرة التعليم الأهلي والأجنبي بتعليم الطائف سابقاً، أن المتابعة أولا بأول والتواصل الإيجابي المستمر بين البيت والمدرسة من الأسباب الناجحة في الوصول بالطالب لمستوى جيد جداً في التحصيل الدراسي، في كل الأمور دائماً الاعتدال مطلوب فلا ضرر ولا ضرار، فالسهر للصغار لا شك غير محمود وله آثار سلبية على التحصيل الدراسي وحسن التركيز، لكن يصل للذكاء لا أرى ذلك، ولا اختلاف على أن السهر لوقت متأخر له أضرار ونتائجه السلبية على الجميع صغاراً وكباراً، خصوصاً المرتبطين بصحو مبكر، وفي اعتقادي السهر يتعارض مع القدرة على الاستيعاب، وكما تقول الدراسات فإن سبل تغذية الدماغ الجيدة تكون مع النوم الجيد ليلا.

 

طريقة التعامل
المستشارة الأسرية «سعاد الغامدي» أوضحت أن أفضل الطرق لرفع مستوى التحصيل الدراسي لدى الأبناء تتمثل في الرعاية النفسية؛ كالاهتمام بالمشاعر وطريقة التعامل وأن كل فرد من الأسرة؛ سواء ذكر أو أنثى من الأبناء يختلف في احتياجاته وتركيبته وتوجهاته وإدراكه وسلوكياته وتعاملاته، فلا وجود للمقارنة والتمييز بينهم.
الرعاية الصحية؛ كالاهتمام بالأكل الصحي وشرب الماء، واللعب، والحركة، والنزهة والتأمل والطبيعة الخضراء.
فضلا عن توفير الرعاية المكانية المتمثلة في توفير مكان ذات تهوية وبعيد عن الضوضاء والإزعاج، ومكتب دراسي وأدراج خاصة إلى جانب الرعاية الزمانية كتوفير الوقت المناسب للنوم والدراسة والجلسة العائلية والاحتكاك بالأهل والأصدقاء.
أيضا عدم إشغالهم بالأعمال المنزلية المستمرة، ولا يمنع الطلب منهم المساعدة في أوقات معينة؛ ليتمكنوا من المذاكرة وحل الواجبات.

تواصل مثمر
وقالت المعلمة «نورة هادي آل سرور»: إن المستوى التحصيلي للطالب تشترك به عدة عناصر؛ من الطالب إلى الأسرة والمعلم والإدارة المدرسية وصولا للجهات العليا.
فالطالب مسؤول عن ذاته ومستوى دافعيته للتعلم وخصوصا بالمراحل الدراسية العليا، والأسرة مسؤولة عن المتابعة والتواصل المثمر مع المدرسة، والمعلم مسؤول عن دفع عجلة التعلم بأحدث الطرق والأساليب النابعة من حبه لطلابه وإخلاصه لمهنته، وعلى الإدارة المدرسية المتابعة المستمرة وتقويم ما يلزم للوصول لنتائج عالية المستوى وتحقيق الأهداف المرجوة. ولا شك أن السهر مخالف للطبيعة الإنسانية بشكل عام. قال تعالى: « وجعلنا الليل لباساً وجعلنا النهار معاشاً» ..الآية.
وكافة المخلوقات تحتاج للنوم الكافي لنمو الدماغ وجعله قادرا على العمل، والأطفال بحاجة للنوم أثناء الليل لمساعدتهم على النمو وصحة الجسم، فالسهر يدعو للإرهاق والتعب، ما يؤدي إلى فقدان التوازن والقدرة على ممارسة الحياة الطبيعية مما ينعكس سلباً على القدرات العقلية وعمليات التفكير ونمو الذكاء؛ لذا يقع على رأس الهرم في منظومة التعليم تنظيم الوقت من قبل الأسرة، والمتابعة الجادة، والاستماع للطالب للوقوف على السلبيات ومعالجتها والإيجابيات وتعزيزها، ولا أمانع فكرة الدروس الخصوصية في حال كانت مكملة للمراجعات، وتدارك النقص بشرط عدم الاعتماد الكلي عليها.

حفظ القرآن.. زرع للإرادة
من جهته، أوضح سليمان الزايدي، معالج نفسي ومستشار أسري بقوله: إن رفع التحصيل الدراسي لدى الأبناء هدف كل مربٍ ومعلم، كما أن كل أم تنشد ذلك وجميع الآباء يتمنون تحقيق هذا الأمر، ولابد من الاهتمام بالتحصيل الدراسي لدى الطالب منذ دخوله إلى المدرسة، أي زرع الإرادة بداخله وربط الأهداف ببعضها، وتساءل: هل ننظر للتعليم كهدف فقط، أم وسيلة للحصول على الوظيفة مستقبلًا ؟ ثم أكمل: لابد أن نجعل التعليم هدفا بمعنى تحقيق قيمة اجتماعية أو نيل شهادة عليا تنعكس على ثقافة الفرد وسلوكه، ولله الحمد، الآن نعيش في ظل رؤية 2030، ويستطيع الطالب أن يكون جزءا من النسيج الاجتماعي لهذه الرؤية الطموحة بربط آماله بها أو تحفيز أسرته له بذلك، وضروري جدا أن تكون هناك سلاسة في التعامل مع الأبناء، فيما يخص المذاكرة وحل الواجبات و ترغيبهم لا ترهيبهم منها.
وقال: حتى نعالج ضعف التحصيل الدراسي نحتاج أولا التأكد من سلامته بمعنى عدم وجود مشكلة عضوية كما يجب أن نضع قدراته العقلية بعين الحسبان، ومن ثم ننظر للأمر من عدة زوايا، فإن كان ضعف الطالب نتيجة عدم اهتمام أم ظروف البيت هي التي أعاقته عن المطلوب، أم تجارب سلبية سابقة في المدرسة مع معلم أو طالب كتعرضه لعنف أو ضرب.

لا للسهر
أكدت الهنوف اليماني المستشارة الأسرية ومدربة التنمية البشرية، أن من أهم الطرق لرفع مستوى التحصيل الدراسي لدى الطالب تتلخص في الاهتمام المكثف من قبل الأسرة حيث تبدأ متابعتهم من المنزل من قبل الوالدين أو من قبل مدرس خاص في المنزل والمتابعة مع المدرسة من فترة لأخرى؛ لتقييم مستواه الدراسي وقياس درجة التحسن التي وصل لها الطالب،
وأكدت أن السهر يضعف ذكاء الأطفال؛ لأن الإنسان ينمو دماغه، وتتشكل صحته منذ صغره إلى أن يصل إلى مرحلة البلوغ، فالراحة الجسدية أو النفسية، وكذلك النوم الكافي للطفل أو المراهق تنمي جسده، وأيضا ترفع من مستوى إدراكه، و ذكائه وتجعله أكثر حيوية وعطاء.

 

التزام مشترك
بينما قالت نهى الصالح مدربة معتمدة في مجال الطفولة: في الواقع تبدأ العملية التعليمية من المنزل، فالتعليم التزام مشترك بين الأسرة والمدرسة. ومن المهم جدا أن تكون الأسرة مشاركة، ليس لضمان جودة التحصيل الدراسي للأبناء فحسب- إنما للانعكاسات الإيجابيه الواقعة على التطور الاجتماعي والعاطفي والمعرفي للطفل.

أطعمة صحية
من جانبها، بينت نسرين زقزوق أخصائية التغذية العلاجية أن تناول الأطفال لأطعمة تحتوي على الأحماض الدهنية في نظامهم الغذائي لها تأثير إيجابي على مستوى الذكاء وتحسين القدرات الذهنية والمهارات العقلية، ولكن يشترط أن يتم تناولها بانتظام، مثال على تلك الأطعمة» الأسماك الدهنية كالسلمون والتونة والرنجة والسردين»، وكذلك المكسرات؛ كونها غنية بالمعادن المهمة لتقوية القدرات الذهنية، وذكاء الطفل وأيضا البيض، خاصة الصفار الغني بالكولين، كما أن الخضروات تعتبر من الأطعمة التي تساعد على تقوية ذكاء الأطفال؛ حيث إن الخضروات الطازجة تحتوي على كمية كبيرة من مضادات الأكسدة، التي تحمي خلايا المخ من السموم.

 

وجبة الإفطار
وأضافت: تعتبر وجبة الإفطار وجبة مهمة جدا للأطفال، و يجب الحرص على تناولها قبل ذهابهم للمدرسة؛ لأنها تنعكس على أدائهم الوظيفي، والذهني.
فيجب أن تكون غنية بالعناصر الغذائية التي تمدهم بالطاقة مثل» الشوفان وزبدة الفول السوداني والبيض ورقائق القمح الكامله الغنية بالألياف والفيتامينات والمعادن وعدم الإكثار من السكريات؛ لأن الإفراط فيها قد يكون له تأثير سلبي على الطفل.
وأكملت: مع الأخذ بعين الاعتبار أن يكون هذا النظام هو أسلوب متبع في تغذية الطفل بشكل دائم، وليس فقط في فترات معينة كأيام الاختبارات؛ حتى نضمن للطفل التغذية المتكاملة بشكل مستمر لينعكس عليه صحيًا وذهنيًا.

علاج الضعف
بدوره، أوضح الدكتور وليد السحيباني استشاري الطب النفسي في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني بالرياض، أن ضعف التحصيل الدراسي لدى الطلاب يعتمد على طرفي الأسرة والمدرسة، فإن كان هناك تقصير من الأسرة بعدم متابعة الواجبات وإهمالها أوعدم المذاكرة في المنزل، فيجب الانتباه لهذا الأمر الذي يعد جزءا من نجاح العملية التعليمية للطالب، أما فيما يخص المدرسة فقد يكون اكتظاظ الفصل بالطلاب عاملا كبيرا في استمرارية ضعف الطالب؛ لأن المعلم في هذه الحالة قد يصعب عليه التركيز على الطلاب الأقل استيعابا وفهما. أيضا إذا كان الطالب يمر ببعض الخلافات مع زملائه أو المضايقات التي قد تحصل له مع المشاغبين في الصف، قد يكون ذلك سببا لضعفه الدراسي، فيجب على إدارات المدارس النظر لمثل هذه الأسباب.
وواصل: الطالب الذي يعاني من ضعف في تحصيله الدراسي يجب احتواؤه والتعامل معه بلطف و لين من قبل المعلم أو المنزل حتى يجتاز الأمر، فالبعض يظنون أن الشدة أو الإيذاء الجسدي أو الاستهزاء من قدرات الطالب قد يقوده للحماس و تحقيق الأفضل، وهذا أمر خاطئ جدا، فكلما كانت البيئة التعليمية غليظة كانت نتائج التحصيل العلمي أسوأ. فلا بد من احتواء الطالب بتقديم وقت أطول أو تكثيف الشرح له بطرق سلسة تساعده على الفهم.
وأضاف: أثبتت العديد من الدراسات أن السهر يؤثر سلبيًا على إدراك الطلاب ويشتت انتباههم ويجعلهم أقل تركيزا من غيرها، ويجب على الأهل خلال أيام الأسبوع تجنب الخروج بعد صلاة العشاء حتى لا يؤثر ذلك على النوم المبكر لأبنائهم، كما من دور المعلم أن ينبه ولي أمر الطالب في حال لاحظ أن النعاس يغلب عليه بشكل متكرر أو أنه ينام في بعض الحصص.

بناء الشخصية
قالت دعاء زهران المستشارة الأسرية والاجتماعية: إن للأسرة دورا مهما وأساسيا في بناء شخصية ونفسية الأبناء، فما تغرسه وتؤسسه خلال سنوات التنشئة يكون لها أساسات دائمة في حياة الفرد، فعندما ينشأ الأبناء بين أسرة مُتحابة متعاونة متصالحة مع ذاتها بذلك يسهل على أفرادها التقرب والتودد من بعضهم البعض.
وتسهل النصيحة، فلا يكون هناك عائق في كيفية ايصال الروح الإيجابية والحب لأي فرد من أفراد الأسرة. فالوالدان يطمحان أن يكون أبناؤهم أفضل منهم علماً ومعرفة فيعملان جاهدين لزرع كل ماهو مفيد ومُحفز لنجاح أبنائهم، و لرفع مستوى التحصيل الدراسي لديهم، ومن أهم الأدوار التي تقوم بها الأسرة الإيجابية مع أبنائها هو المشاركة في برامج تعليمية مختلفة تهدف لتطوير ورفع مستوى الذكاء وزيادة وعي ومعلومات الأبناء من مصادر موثوق بها؛ كالبرامج التعليمية المرئية أو المسموعة أو مسابقات الذكاء في بعض الصحف والمجلات، والتسابق على قراءة كتاب وتلخيصه، وغيرها الكثير. وبذلك ينتج الحب والتعاون وتبادل الحوار والمعرفة بين أفراد الأسرة، ومن ثم ينتقل تلقائيًا إلى أداء الأبناء في المدرسة .

 

قراءة القرآن
تقول «شروق محمد البكري» – فنية مختبر بجامعة الطائف ووالدة لأربعة أبناء متفوقين: وجدت في حفظ كتاب الله لأبنائي منذ نعومة أظفارهم، زيادة ذكاء، وسرعة في الحفظ، ولله الحمد، كما يجب الحرص على توفير مناخ أسري صحي آمن ومريح خالٍ من معوقات الاستذكار.
فضلا عن التخطيط الجيد للمذاكرة اليومية والشهرية مثال ذلك «وضع جداول للمذاكرة تقسم فيها المواد» والمحاولة الجاهدة لمعرفة مواطن الإبداع لدى أبنائي وتنميتها ومواطن الضعف والتركيز عليها لتطويرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *