متابعات

دعوا إلى عدم متابعة بعض مشاهير السوشيال ميديا.. مختصون لـ«البلاد»: أسقطوا التافهين

البلاد ـ مها العواودة – رانيا الوجيه

أكدت الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع أن أبرز ضوابط المحتوى في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، تتمثل في عدم الطعن بالذات الإلهية، وعدم المساس بولاة الأمر، وتجنب إثارة النعرات القبلية، والبعد عن بث الكراهية، واحترام الإنسانية، وعدم التعرض لعلاقات المملكة الخارجية.

كما دعا عدد من المختصين إلى ضرورة تهميش بعض مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، الذين يلهثون وراء الشهرة والربح المادي فقط، بل تسويق أنفسهم ودعوة مستخدمي الميديا إلى متابعتهم والمبالغة في نشر المقاطع؛ حتى ولو كانت منافية للذوق والأخلاق والأعراف والتقاليد، لافتين في الوقت نفسه، إلى أن عدم متابعة هذه الفئة سوف تجفف منابع مصادر دخلهم، فلن يتمكنوا من نشر المقاطع المنافية للذوق والأخلاق، التي قد تكون مسيئة لآخرين. واستطردوا، أن هناك نماذج مشرفة وصورا مضيئة للمملكة في مجالات الإبداع والنوابغ والسياحة والصناعة من المفترض أن يركز عليها مشاهير السوشيال ميديا بدلا من نشر الغثاء في صفحاتهم.

المستشار الإعلامي في هيئة الإذاعة والتلفزيون يحيى الصلهبي قال: إن ما يلجأ إليه بعض من يسمون بمشاهير السوشيال ميديا من سلوكيات خارجة عن الأخلاق والقيم والدين، لا تعد محتوى بمفهومه التقليدي، وإنما سلوكيات فردية غير رشيدة تصدر من أشخاص لايدركون حجم الإساءة لسمعتهم وسمعة بلدهم؛ حتى ولو كانت تصرفات وسلوكيات فردية.

وتابع:” في المقابل هناك مشاهير يتميزون بالانضباط وتحمل المسؤولية، فنتج عن ذلك صناعة محتوى متميز، يعكس النضج السلوكي والأخلاقي الذي يميز هذه الفئة من مشاهير السوشيال ميديا.
ومن خلال هذين الأنموذجين من نماذج المشاهير؛ نستطيع القول: ” إن السلوك غير السوي الذي يكشف عنه مايسمى بالمحتوى الهابط سينعكس- شئنا أم أبينا- على سمعة مجتمع بأكمله في ظل الانتشار الواسع له والاحتفاء به من قبل من يضمرون الشر لهذا البلد، ويبحثون عن كل ما يسيئ إلى سمعته؛ حسدًا من عند أنفسهم”.

ورأى ضرورة سن الأنظمة والقوانين التي تضع الضوابط المحددة والرادعة لهذا الانفلات الحاصل في وسائل السوشيال ميديا.

إجراءات رادعة
المخترعة رولا بالحمر، قالت: “إن لكل إنسان حرية شخصية يحب أن يتمتع بها، ولكن هذه الحرية حدودها أن لا يسيء إلى دين أو بلد أو مجتمع و مشاهير السوشيال ميديا ما وصلوا إلى ما وصلوا إليه إلا بفضل المجتمع والجمهور الذي يتابعهم، فإن قدم المشهور ما يسيء لمجتمعه فهو لا يستحق المتابعة من هذا المجتمع، وللدولة الحق في اتخاذ أي اجراءات قانونية ضده تكون رادعة له” .
مؤكدة أن خطر ترك هؤلاء المشاهير يبثون سمومهم في عقول المراهقين والأطفال كبير جداً.

وترى ضرورة وضع ضوابط ومعايير للمواد المنشورة لكل مشهور أو معلن في مواقع التواصل الاجتماعي، لا يمكن لهم تجاوزها.
سفير المملكة العربية السعودية في أندونيسيا عصام بن أحمد الثقفي يؤكد أن المواطن المسافر إلى الخارج أياً كانت صفته هو السفير الأول للمملكة، وهو من يحتك ويتعامل بالطبقات المجتمعية المختلفة في البلاد التي يزورها، ويعكس الصورة سواء كانت إيجابية أو سلبية لبلاده من خلال تعامله مع تلك الشرائح المجتمعية، “فكيف إذا كان هذا المواطن ممن يطلق عليهم الآن مشاهير السوشيال ميديا، فلا شك أن تأثيرهم يكون أعم وأشمل، وهناك للأسف من هؤلاء المشاهير من لا يملكون المحتوى الجيد بل إن محتوى ما يقدمونه ينعكس سلبا وسوءا- ليس لأنفسهم فقط- بل لبلادهم ؛ خاصة إذا كانت رسائلهم صادرة من داخل الدول التي يزورونها، وهذه أيضا تعد مخالفة لأنظمة وقوانين تلك الدول.


قوى ناعمة
الدكتور تركي العيار أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود يقول: مما لاشك فيه أن تصرفات مشاهير”السوشيال ميديا” تنعكس سلبًا أو إيجابًا على بلدانهم التي ينتمون لها؛ لأنهم يعدون قوى ناعمة، يُقدَمُ من خلال سلوكياتها وتصرفاتها صورة ذهنية عن أنفسهم وعن بلدانهم، وتختلف طبيعة الصورة بنوع السلوك، والمشكلة أن مشاهير (السوشيال ميديا) لهم تأثير على من يتابعهم من صغار السن والمراهقين، وقد يعتبرونهم قدوة ونماذج يقتدون بهم؛ لذا تحركات المشاهير وتصرفاتهم محسوبة عليهم وترصد بشكل دقيق من المتابعين ووسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وهذا يحتم على هؤلاء المشاهير الحذر مما يقومون به واختيار تصرفاتهم.

جمع المتابعين
تحلل من الناحية الاجتماعية فريال باجبير الأخصائية الاجتماعية فتقول: في البداية، والمجتمع على دراية بذلك، أن هدف «مشاهير التواصل الاجتماعي» جمع أكبر عدد من المتابعين، لتحقيق القدر الأكبر من المكاسب المادية، والوصول للثراء السريع، الذي تحقق لغالبيتهم بالفعل، فيما لايزال هؤلاء في غيّهم وتلاعبهم سائرون، حيث لا سقف يقنن تصرفاتهم، ولا حدود لأفعالهم، أو قواعد سلوكية يلتزمون بها فيما يسوقون له من أفكار أو منتجات وسلع، أو خدمات مختلفة، أو يستعرضونه ويكشفونه من مفردات داخلية في حياتهم الشخصية، المفترض حفظ خصوصيتها، فما حدث قضية الفتاتين في مقاطع السوشيال ميديا، يفسر بأنه تعدٍ لا يمثل باقي أفراد المجتمع السعودي، بل يمثل من قام به فقط.
ولا تصنف تصرفاتهما على أنها حرية شخصية، فكل مايتم ممارسته ونشره للعامة، لايكون تحت بند الحرية الشخصية، فهذه الحرية لتكون شخصية يجب أن تمارس في المنزل، أو أماكنهم الخاصة دون النشر ومشاركة المتابعين.

تعديات أخلاقية
كما يرى الإعلامي والناشط على وسائل التواصل الاجتماعي، المعتصم طرابزوني، من وجهة نظره قائلا: مايقوم به بعض المشاهير في السوشيال ميديا من تعديات أخلاقية، يعتبر خروجا عن العرف والعادات للمجتمع السعودي، بالرغم من أن لكل شخص حرية العيش بالطريقة التي يرغب بها دون أن يضر نفسه أو يضر المجتمع، الذي يعيش به ويمثله، فهناك بعض المقاطع التي تنشر بها إساءة للمواطن السعودي نفسه، عندما يتحدث نيابة عن الشعب السعودي بطريقة مستفزة أولا للمجتمع السعودي، وأيضا مستفزة للمجتمع الآخر، وبالتالي على كل مواطن- وليس فقط مشاهير السوشيال ميديا- أن يحترم وطنه أولا، واحترام الدولة التي يزوروها، وأن يعكس صورة جميلة وراقية عن نفسه، وعن وطنه، فكل مواطن هو سفير لدولته في أي مكان يذهب إليه. كما يأتي الأجانب من الخارج إلى السعودية، ويحترمون عاداتنا وتقاليدنا.


لائحة الذوق
اعتبر المستشار الإعلامي – مدير عام العلاقات الإعلامية الدولية بوزارة الإعلام عبد الرحمن النيازي، أن سلوك الشخص داخل و خارج بلاده يمثله شخصياً، ولا يمثل بلده سلباً أو إيجاباً، وجميع الدول تحرص على سن الأنظمة والقوانين التي تنظم هذه السلوكيات، وتتراوح ما بين الغرامة المادية وصولاً للعقوبات الأشد، ومن ضمنها السجن لمدد متفاوتة.
وتابع “في المملكة هناك لائحة الذوق العام بكل ما حوته من بنود تعالج أوجه التجاوزات التي قد تصدر من أي شخص بقصد أو بدونه، والمشاهير مكوّن مجتمعي- ليس بالظاهرة الحديثة فطالما كان هناك من يمثل هذه الظاهرة ولكن بشكل مختلف. فشاعر القبيلة هو من مشاهيرها وشعراء النقائض، هم من المشاهير الذين نقلت لنا كتب التاريخ مساجلاتهم الشعرية بكل ما حوته من إثارة مجتمعية، والرياضيون ورجال المال و الأعمال والفنانون، هم كذلك فئة مستهدفة، وقد ظهر محتوى الصحافة الصفراء، التي تنشط في نشر فضائح هذه الفئة، و تتابع من الكثيرين”.
مؤكدًا أن الأمر المختلف، هو أن مشاهير اليوم أصبحوا صنّاع محتوى في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بكل ما في ذلك المحتوى من إسفاف وتفاهة وسطحية.
وأضاف: “عوداً على ما سبق وإن كنت قد ذكرت أن سلوك الشخص يمثله شخصياً، إلاّ أنه وفي ظل متابعة ورصد، و استهداف مدّعي حرية الإعلام من القنوات ومنصات الإعلام الأجنبية، التي تستهدف السلبيات المجتمعية؛ مهما صغرت، و تعمل على تهويلها والترويج لها بصورة متزامنة في أكثر من منصة؛ بهدف الإساءة للصورة النمطية للمملكة، وبمناسبة الحديث حول هذا الاستهداف، فقد تزامن حصول الشباب السعودي على 22 جائزة في مسابقة إنتل- آيسف الدولية حيث حققوا بها المركز الثاني بين 75 دولة، مع هذا المحتوى الهابط الذي نشر من قِبل البعض ممن يطلقون عليهم مشاهير ، وبقدر ما أسعدت مشاركة الشباب السعودي بمعرض إنتل الدولي للعلوم والهندسة الجميع، إلاّ أن تلك المشاركة لم تحظى باهتمام تلك المنصات الإعلامية الأجنبية، التي تنشط- كما سبق ذكره- في استهداف كل ما يسيء للمملكة وتضخيمه”.

المواطن سفير لبلاده في أي موقع

الدكتور سعود كاتب، قال: إن هناك تزايدًا لا يمكن الاستهانة به لمحتوى السناب الهابط والمستهجن اجتماعيًا؛ حيث وصل حدًا يسيء معه لصورة المملكة وشعبها وهويتها، وهو أمر لا يمكن اعتباره مجرد ممارسات فردية طبيعية، لأن من يقوم به هم ممن يوصفون بـ “المشاهير” الذين يتابعهم ملايين الأشخاص، وهم بالتالي يدرجون باختيارهم ضمن “الشخصيات العامة والمؤثرة”.
مؤكدًا أنه مع مرور الوقت، فإن الصورة السلبية التي يقوم هؤلاء بنشرها على حساباتهم لن ترتبط بهم وحدهم كأفراد، بل سيتم ربطها -بحسن أو بسوء نية- بالمجتمع عمومًا.
وتابع “صحيح أننا شعب طبيعي ولسنا مجتمعًا ملائكيًا، وتحصل لدينا أخطاء وتجاوزات لا ينبغي تهويلها، أو المبالغة في ردود فعلنا تجاهها، ولكن في الوقت نفسه، عندما يتحول أي من تلك الممارسات –كما هو حاصل حاليًا- إلى ظاهرة مؤذية تشوه صورة المجتمع، فإن التدخل والعلاج يصبح مطلبًا ضروريًا ولا بد منه، فمجموعة صغيرة من الأشخاص أصبحت قادرة اليوم على الإضرار بمجهود عمل شاق وطويل لتعزيز صورة البلد وسمعته”.
موضحًا أن المواطن يعتبر اليوم السفير الأول لبلاده في كل موقع؛ ‏سفيرًا لبلده عند سفره لدول أخرى، وسفيرًا لبلده عند استخدامه شبكات التواصل الاجتماعي، وسفيرًا لبلده عند تعامله مع الأجانب المقيمين أو الزائرين له.
مشيرًا إلى أن هذا الأمر يتطلب بجانب التوعية قوانين واضحة تضمن عدم إساءة البعض لصورة البلد، ويشمل ذلك بالتأكيد مشهورات ومشاهير شبكات التواصل، والمعلنين الذين يختارونهم للترويج لسلعهم وخدماتهم، وهذا هو أقصر الحلول لتجفيف منابع المشاهير المسيئة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *