اجتماعية مقالات الكتاب

أفول نجم الصحافة الورقية

لم يكن الإعلان عن تعليق شركة التوزيع السعودية المسؤولة عن إيصال المطبوعات،عملياتها بسبب نقص الأموال،مفاجئاً.
كنا جميعاً نعلم أن الصحف المطبوعة ستتوقّف عن الصدور عاجلاً أو آجلا، بطريقة أو بأخرى. ويرجع ذلك إلى التحوّل في سلوك العملاء ، الذي يبحث الآن عن أخبار من مصادر رقمية أخرى سريعة ومحدّثة بدلاً من الطريقة الورقية التقليدية ، فضلاً عن حقيقة أن جيل الشباب لا ينجذب للطباعة.

لطالما كانت الصحف المطبوعة عنصراً أساسياً في كل عائلة منذ عقود. وكان إعتماد الناس على الصحف كمصدر رئيسي للمعلومات ، سواء للأخبار اليومية أو للبحث عن فرص عمل أو لمطالعة الإعلانات. ومع ذلك ، أدّى نموّ وسائل الإعلام الرقمية إلى تغيرات في هذا القطاع جعلت وسائل الإعلام المطبوعة في الصحف،أدواتِِ عفى عليها الزمن.

أنا من الأشخاص الذين كانوا يشترون جريدتين أو ثلاث كل يوم قبل الإفطار. لست متأكدًا متى توقفت تماماً عن شراء الصحف وبدأت في إستخدام الوسائط التقليدية ، كنت أعتمد على تويتر وتطبيقات الأخبار ومصادر المعلومات الأخرى.

من الواضح أن العصر الرقمي أحدث ثورةً في صناعة الصحف ، وواجهت الصحف المطبوعة صعوبةً في تلبية متطلبات قرائها نتيجة لذلك. وبسبب السهولة التي توفّرها وسائل الإعلام الرقمية ، أصبحت مصدر الأخبار ، وواجهت الصحف المطبوعة صعوبة في المنافسة.

يُمكن للناس الآن الحصول على الأخبار أثناء التنقّل بسهولة أكبر من أي وقت مضى ، وذلك بفضل الشعبية المتزايدة لوسائل التواصل الإجتماعي ومصادر الأخبار عبر الإنترنت. كما أدى انهيار الصحف المطبوعة إلى إنخفاض كبير في الدخل. أغلقت العديد من الصحف أو تقلّصت ، بينما لجأت أخرى إلى المنصّات الرقمية للتكيّف مع المتغيّرات.

لسوء الحظ ، ما حدث لم يكن غير متوقعاً. رأينا هذا يحدث حولنا قبل أن يصل إلينا. رأينا كيف أثّر ذلك على الصحف الكبرى في أوروبا وأمريكا ، لكن المؤسسات الصحفية لدينا لم تفعل شيئًا إستعداداً للمشكلة القادمة ، بل أن بعضها تظاهر بأنها لن تأتي إلينا. لم تحرّك المؤسسات الإعلامية ساكناً وهي ترى جزّاراً يحمل سكيناً قادماً إليها بعد أن أجهزَ على من قبلها، لم تحاول الفرار أو إيجاد إستراتيجية لتفادي هذا المصير.

أُشبع موضوع المؤسسات الإعلامية والتحوُّل الرقمي نقاشا في الماضي،وأنا هنا أقول أنه لا يُوجد وقت للمؤسسات الإعلامية لتضيعه، وأن المؤسسات الصحفية يجب أن تستثمر في التكنولوجيا وتبنّي نهجاً رقمياً أولاً في أسرع وقت ممكن. ذلك أن البحث عن الإعلانات في النسخة المطبوعة غير مجدٍّ. يجب عليهم بدلاً من ذلك إستثمار المنصّات الرقمية في موارد مالية فالدخل الإعلاني لا يأتي من صفحة أو نصف صفحة إعلانات، بل في “البنرات الإعلانية” والتي تعتمد على عدد المشاهدات.

يجب أن يكون للمؤسسات الإعلامية حضور قوي على وسائل التواصل الإجتماعي عبر جميع المنصّات في أسرع وقت ممكن. ويجب الإستثمار في إنتاج الأفلام والبودكاست والرسومات التفاعلية التي تجذب جمهورها بطرقِِ جديدة.

jebadr@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *