البلاد (واشنطن، موسكو)
في تطور جديد ينذر بتصعيد إضافي في الحرب الروسية الأوكرانية، أعلنت روسيا، على لسان الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، أنها تدرك استمرار تدفق المساعدات العسكرية الأمريكية إلى أوكرانيا، مشددة على أن كييف لم تعد تبدي اهتماماً بجولة جديدة من المفاوضات. يأتي هذا التصريح في وقت كشف فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن خطة جديدة لتسليح أوكرانيا، تشمل إرسال منظومات دفاع جوي من طراز “باتريوت”، وربما أسلحة هجومية بعيدة المدى.
وأكد بيسكوف أن روسيا تنطلق من فرضية ثابتة، وهي أن “واشنطن مستمرة في تزويد كييف بالسلاح والذخائر والمعدات العسكرية”، معتبراً أن تصريحات المسؤولين الأميركيين بشأن دعم أوكرانيا “متناقضة”. كما أعرب عن أسفه لغياب الرغبة الأوكرانية في استئناف المحادثات، رغم جهود الوساطة التي يبذلها المبعوث الأمريكي الخاص كيث كيلوغ، الذي وصل إلى كييف الاثنين.
وتزامن التصعيد الروسي مع إعلان الرئيس الأمريكي، إرسال دفعة جديدة من أنظمة “باتريوت” إلى أوكرانيا، مع احتمالات بفرض عقوبات إضافية على روسيا. وصرّح ترمب قائلاً:” سيرسلون إليهم منظومات باتريوت، فهم بأمسّ الحاجة إليها”، دون أن يحدد عدد الوحدات أو توقيت تسليمها.
وتفيد مصادر مطلعة بأن ترمب يعتزم إعلان خطة موسعة لدعم أوكرانيا عسكرياً خلال لقائه الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي مارك روته في البيت الأبيض. وتشير تقارير إلى أن الخطة قد تتضمن أسلحة هجومية وصواريخ بعيدة المدى، يمكن أن تصل إلى أهداف داخل العمق الروسي، بما فيها العاصمة موسكو، وهو ما يشكل تحوّلاً جذرياً في موقف ترامب الذي كان يرفض سابقاً الانخراط في دعم هجومي مباشر لكييف.
وفي برلين، أعلن المتحدث باسم الحكومة الألمانية عن وجود مؤشرات”إيجابية للغاية” من واشنطن بشأن تزويد كييف بأنظمة “باتريوت”، موضحاً أن المحادثات بين البلدين لا تقتصر على تسليم ثلاث منظومات فقط، بل تشمل منظوراً استراتيجياً أوسع.
كما أعلنت ألمانيا استعدادها لشراء أنظمة “باتريوت” من الولايات المتحدة لتمويل إرسالها إلى أوكرانيا، بالتعاون مع النرويج التي ستساهم في شراء نظام ثالث. وتأتي هذه المبادرة في سياق زيارة رسمية يجريها وزير الدفاع الألماني بوريس بيستريوس إلى واشنطن، وهي الأولى منذ تولي ترامب الرئاسة مجدداً.
وعلى الصعيد الميداني والسياسي، لا تزال الحرب الروسية الأوكرانية تراوح مكانها، مع فشل جولتين من المفاوضات بين موسكو وكييف في تركيا، وغياب أي مؤشرات على عقد جولة ثالثة. وتطالب موسكو بانسحاب أوكرانيا من أربع مناطق يسيطر عليها الجيش الروسي، بالإضافة إلى الاعتراف بضم شبه جزيرة القرم، ووقف مساعي كييف للانضمام إلى حلف الناتو، وهي شروط ترفضها أوكرانيا رفضاً قاطعاً.
في المقابل، تصرّ كييف على انسحاب كامل للقوات الروسية من أراضيها، والتي تسيطر حالياً على نحو 20 % منها، وفقاً لتقديرات رسمية.
وفي موقف لافت، أكد رئيس مكتب الرئيس الأوكراني، أندري يرماك، أن “السلام بالقوة” هو مبدأ تتبناه إدارة ترمب الجديدة، مضيفاً أن “روسيا لا تريد وقف إطلاق النار، ونحن نرحب بالدعم الأمريكي في هذا الإطار”. تصريحات تعكس اتجاهاً نحو تبني نهج عسكري أكثر حزماً من جانب الحلفاء الغربيين، ما ينذر بتصاعد حدة النزاع في المرحلة المقبلة.
ووسط هذه التطورات، تبدو فرص الحل السياسي بعيدة المنال، في حين يترقب العالم ما ستؤول إليه قرارات واشنطن وحلف شمال الأطلسي، في مواجهة إصرار موسكو على تحقيق أهدافها المعلنة منذ بداية العمليات العسكرية في فبراير 2022.
تزايد التوتر بين روسيا وأمريكا.. واشنطن تضع خطة جديدة لتسليح أوكرانيا
