البلاد (دمشق)
تتواصل الاشتباكات المسلحة في محافظة السويداء جنوب سوريا لليوم الرابع على التوالي، وسط دخول الجيش السوري إلى المدينة في محاولة لفرض السيطرة، ووقف العنف المتصاعد بين الفصائل الدرزية ومسلحين من عشائر البدو، في حين صعّدت إسرائيل من هجماتها الجوية على مواقع تابعة للجيش السوري، رغم تأكيدات سابقة بتعليق العمليات العسكرية.
وأفادت وسائل إعلام سورية، أمس (الأربعاء)، بتجدد القتال العنيف في أحياء مدينة السويداء، عقب دخول وحدات من الجيش السوري إليها يوم الثلاثاء. وقال شهود عيان: إن مجموعات مسلحة لا تزال تتحصن في عدد من النقاط، وسط عمليات تمشيط مكثفة ينفذها الجيش.
يأتي ذلك بعد يومين داميين من المواجهات، التي اندلعت بين مقاتلين دروز ومسلحين بدو، وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، ما أجبر المئات من السكان على النزوح إلى ريف درعا الشرقي؛ هربًا من المواجهات.
وعلى الجانب الآخر من الحدود، دفعت إسرائيل بتعزيزات عسكرية كبيرة نحو الجبهة السورية، في خطوة اعتبرها مراقبون مؤشراً على تصعيد محتمل. وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أنه تم نشر ثلاث سرايا من شرطة حرس الحدود، إلى جانب وحدة من لواء جولاني وقوات من الشرطة العسكرية، تحسباً لأي محاولة عبور من جانب الدروز داخل إسرائيل.
واستخدمت القوات الإسرائيلية قنابل الغاز لتفريق تجمّعات قرب السياج الحدودي، وسط تحذيرات مباشرة من وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الذي طالب دمشق بـ”الانسحاب الفوري من السويداء والإفراج عن الدروز”، مؤكداً أن “الجيش الإسرائيلي لن يتردد في التصعيد إذا لم تصل الرسالة بوضوح”.
ورغم تقارير أشارت إلى تعهد إسرائيلي بوقف الهجمات بناءً على طلب أمريكي، نفذت مقاتلات إسرائيلية أربع غارات جديدة على مواقع في محيط السويداء وريف درعا، كما استهدفت إحدى الغارات اللواء 52 شرقي درعا، فيما أشارت وكالة “سانا” إلى أن “طائرات استطلاع إسرائيلية استهدفت مدينة السويداء”.
وفي دمشق، أفادت مصادر أمنية بأن غارة إسرائيلية استهدفت مقر وزارة الدفاع، فيما أكد الجيش الإسرائيلي قصف “بوابة دخول مقر هيئة أركان الجيش السوري”. وأسفر القصف عن إصابة مدنيين اثنين، وفق ما أوردته قناة “الإخبارية” السورية.
وتصاعدت الضغوط الداخلية على الحكومة السورية، خاصة من القيادات الروحية للطائفة الدرزية. وفي بيان رسمي، قال رئيس الطائفة الدرزية في إسرائيل موفق طريف: إن هذه معركة بقاء للطائفة، وعلى النظام السوري الانسحاب فوراً من السويداء.
من جانبها، ناشدت هيئات درزية محلية المقاتلين تسليم أسلحتهم وتفادي مواجهة القوات الحكومية، في محاولة لاحتواء الموقف.
وفي السياق، أعرب المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، عن قلق واشنطن من الاشتباكات الجارية، مؤكداً أن الإدارة الأمريكية”منخرطة بشكل نشط مع جميع الأطراف للوصول إلى تهدئة شاملة تشمل الدروز، والقبائل البدوية، والحكومة السورية، وإسرائيل”.
وأوضح براك في منشور على منصة “إكس” أن ضعف التواصل وسوء التنسيق يمثلان عائقاً رئيسياً أمام تحقيق تهدئة حقيقية ومستدامة.
وتعيش السويداء، التي يبلغ عدد سكانها نحو 150 ألف نسمة، حالة من التوتر منذ اندلاع المواجهات الأخيرة بين الفصائل المحلية من جهة، والمسلحين البدو من جهة أخرى، ما دفع الحكومة السورية إلى إرسال تعزيزات عسكرية إلى المدينة يوم الثلاثاء، بعد اتفاق لوقف إطلاق النار تم بوساطة وجهاء محليين.
وكانت المدينة، قبل دخول الجيش السوري، تدار أمنياً من قبل فصائل درزية محلية. ومع تصاعد العنف، تحولت الأزمة من نزاع داخلي إلى ملف إقليمي، مع بروز التدخلات الإسرائيلية وتفاعل دولي أمريكي واضح.
إسرائيل تكثّف ضرباتها على سوريا رغم تعهدات التهدئة.. اشتباكات دامية في السويداء والجيش يفرض السيطرة
