السياسة

انقسام حاد وتوجّس دولي.. خطوات متسارعة لتشكيل حكومة ليبية جديدة

البلاد (طرابلس)
بينما لا تزال الأزمة السياسية في ليبيا تراوح مكانها، تسارعت خلال الأيام الأخيرة خطوات التنسيق بين رئيس البرلمان عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري؛ بهدف تشكيل حكومة جديدة تمهّد الطريق نحو انتخابات رئاسية وبرلمانية طال انتظارها. لكن هذه التحركات، التي تجري بمعزل عن حكومة الوحدة الوطنية والبعثة الأممية، تثير مخاوف من اتساع رقعة الانقسام وتعميق حالة الاستقطاب الداخلي.
وفي خطوة لافتة، عقد المشري اجتماعًا مع عدد من الشخصيات المطروحة لتولي رئاسة الحكومة الجديدة، وذلك بعد لقائه الأخير مع عقيلة صالح، الذي نتج عنه اتفاق مبدئي على الدفع باتجاه تشكيل سلطة تنفيذية جديدة تُنهي ما وصفوه بـ”حالة الجمود”، وتضع البلاد على مسار انتخابي واضح.
هذه الجهود، بحسب مراقبين، تفتقر إلى الحد الأدنى من التوافق المحلي والدعم الدولي؛ إذ يرفض رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة بشكل قاطع أي مسار بديل خارج شرعية حكومته، ويتمسّك بالبقاء في السلطة إلى حين إجراء انتخابات عامة. كما أعلنت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا رفضها التام لأي إجراءات أحادية الجانب، مؤكدة أن المسار السياسي يجب أن يقوم على أساس التوافق الشامل وخارطة طريق واضحة يشارك فيها جميع الأطراف.
وتخشى الأوساط السياسية من أن تؤدي هذه المساعي المنفردة إلى ولادة حكومة موازية، على غرار ما حصل في تجارب سابقة، ما قد يعيد البلاد إلى مشهد الانقسام المؤسساتي الذي طبع السنوات الماضية، ويعيد عقارب الساعة إلى الوراء.
في المقابل، يبرّر أنصار هذا التوجه أن حكومة الدبيبة لم تعد تحظى بالشرعية الشعبية، خاصة بعد موجة المظاهرات التي اندلعت في طرابلس مؤخراً مطالبة برحيلها، احتجاجاً على تردي الخدمات وغياب الإصلاحات، إلا أن خصومهم يرون أن فقدان الشعبية لا يبرر القفز على المسارات المعتمدة، خاصة في ظل استمرار دعم بعض القوى الفاعلة لحكومة الدبيبة، ولا سيما الميليشيات المؤثرة في العاصمة.
وفي ظل هذا المشهد الضبابي، يترقب الليبيون إعلان المبعوثة الأممية الخاصة إلى ليبيا، هانا تيته، عن خارطة طريق جديدة، من المقرر الكشف عنها في أغسطس المقبل، بعد مشاورات مكثفة أجرتها مع مختلف الأطراف الليبية. وتؤكد تيته أن الهدف من هذه الخارطة هو إعادة إطلاق المسار السياسي وتحقيق توافق حقيقي يمكّن من تنظيم انتخابات عامة تُنهي المراحل الانتقالية التي استنزفت البلاد منذ 2011.
ومع استمرار حالة الاستقطاب وغياب التوافق، تبقى ليبيا رهينة مبادرات متنافسة، وشعبها في انتظار انفراجة سياسية تنهي سنوات الانقسام والفوضى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *