البلاد (الرياض- غزة)
رحبت السعودية بالبيان الصادر عن 26 من الشركاء الدوليين، الذين طالبوا فيه بإنهاء الحرب على قطاع غزة بشكل فوري، ورفع كافة القيود عن المساعدات الإنسانية، وسرعة إيصالها بشكل آمن لسكان القطاع، وعبروا فيه عن رفض تغيير التركيبة السكانية في الأراضي المحتلة وتوسيع الاستيطان.
وجددت المملكة رفضها القاطع لمواصلة سلطات الاحتلال الإسرائيلية منهجيتها اللا إنسانية في منع المساعدات، واستهداف المدنيين أثناء محاولتهم الحصول على أبسط احتياجات البقاء على قيد الحياة من الغذاء والدواء والماء.
ودعت المملكة المجتمع الدولي إلى سرعة اتخاذ القرارات والخطوات العملية أمام التعنت الإسرائيلي، الذي يتعمد إطالة أمد الأزمة، ويقوض كافة جهود السلام الإقليمية والدولية.
وفي ظل تصاعد الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، حذرت وكالات الأمم المتحدة من بلوغ مستويات الجوع وسوء التغذية مرحلة كارثية، وسط استمرار الحصار الإسرائيلي وتصاعد العمليات العسكرية، ما ينذر بانهيار شامل للوضع الإنساني في القطاع المنكوب.
وأعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن سكان غزة؛ بمن فيهم موظفو الوكالة، يتعرضون لحالات إغماء بسبب الجوع الشديد. وأفادت الأونروا في بيان نشرته عبر “فيسبوك”، أن الوضع المأساوي أدى إلى وفاة نحو ألف فلسطيني منذ مايو الماضي؛ نتيجة الجوع وسوء التغذية، مطالبة برفع الحصار فورًا والسماح بإدخال الأغذية والأدوية.
وأكد المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني أن “غزة أصبحت جحيماً على الأرض، ولا يوجد بها مكان آمن”، مشيرًا إلى أن الطواقم الطبية تعاني من الإرهاق وسوء التغذية إلى حد الإغماء أثناء أداء مهامها.
من جانبها، وصفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) الوضع في غزة بأنه “كارثي”، مع انتشار سوء التغذية المميت بين الأطفال. وقالت المنظمة في بيان عبر منصة “إكس”:” إن الجوع بات ينتشر على نطاق واسع”، والغذاء والماء النظيفان أصبحا شحيحين إلى ما دون مستوى الطوارئ، فيما لا تزال المساعدات مقيدة بشدة.
وأعلنت مصادر طبية مقتل طفلين إضافيين الثلاثاء؛ بسبب الجوع، وسط تحذيرات من تفشي المجاعة بين ما لا يقل عن 90 ألف طفل وامرأة يعانون من سوء تغذية حاد، وفق برنامج الأغذية العالمي.
ووفق إحصاءات محلية، تجاوز عدد الضحايا الذين لقوا حتفهم أثناء انتظار المساعدات منذ أواخر مايو أكثر من 1,021 شخصًا، إضافة إلى نحو 6,500 جريح.
وتواصل إسرائيل منذ السابع من أكتوبر 2023 حملتها العسكرية على غزة، والتي أسفرت حتى الآن عن مقتل 59,029 فلسطينيًا، غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 142,135 آخرين، وفق إحصاءات وزارة الصحة في غزة. ولا تزال الأرقام غير نهائية بسبب تعذر الوصول إلى جثث الضحايا تحت الأنقاض.
وشهدت الأيام الأخيرة تصعيدًا عسكريًا جديدًا، مع توغل القوات الإسرائيلية في مدينة دير البلح وسط القطاع، لأول مرة منذ بدء الحرب، مما أدى إلى مقتل العشرات بينهم مدنيون ونازحون، بينهم 12 شخصًا في قصف على أحد المخيمات شمال غرب غزة.
في المقابل، تتزايد الضغوط الدولية على إسرائيل، فقد أعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي أن بلاده تدرس فرض عقوبات إضافية على إسرائيل إذا لم توافق على وقف إطلاق النار، مبدياً “فزعه واشمئزازه” مما وصفه بـ”المشهد البشع” في غزة، حيث يُقتل الأطفال أثناء محاولتهم الحصول على الطعام.
بدوره، شدد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو على ضرورة السماح للصحافة بدخول غزة لتوثيق الكارثة الإنسانية، مؤكداً أن”لا مبرر لشن هجوم بري جديد”. وأضاف أن المجاعة المتزايدة تتطلب فتح القطاع أمام الإعلام والمنظمات الدولية.
وتستمر الحرب في قطاع غزة وسط انسداد سياسي وتعثر في محادثات التهدئة. وبينما تتزايد أعداد القتلى ويزداد المشهد الإنساني سوداوية، تواصل الجهات الدولية محاولات وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات، وسط تحذيرات من أن المجاعة ستودي بحياة آلاف آخرين إن لم يتغير الوضع فورًا.
ومع استمرار الحصار والانهيار شبه الكامل للمنظومة الصحية والتموينية، تتجه غزة نحو واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في القرن الحادي والعشرين، في ظل عجز المجتمع الدولي عن وقف آلة الحرب، وتأمين الحد الأدنى من كرامة الحياة لمليوني إنسان محاصر.
بريطانيا تدرس فرض عقوبات على إسرائيل.. السعودية ترفض منع المساعدات واستهداف المدنيين الفلسطينيين
