البلاد (بيروت)
لا تزال تداعيات التصريحات الأخيرة لأمين عام حزب الله، نعيم قاسم، تتفاعل على الساحة اللبنانية، بعد تلويحه بالحرب الأهلية في حال المضي بقرار تجريد الحزب من سلاحه. وقد أثارت هذه المواقف موجة رفض واسعة من جانب الحكومة والقوى السياسية، وسط تحذيرات من خطورة الانزلاق نحو صدام داخلي يهدد السلم الأهلي.
رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وصف خطاب قاسم بأنه “مرفوض بالمقاييس كلها”، معتبراً أنه يشكل تهديداً مباشراً للحكومة اللبنانية، وللأكثرية النيابية والمؤسسات الدستورية، وفي مقدمتها رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة. وأضاف:”إذا كان قاسم يفترض أنه لم يعد في لبنان لبنانيون أحرار فهو مخطئ جداً”، مؤكداً أن الأكثرية الكبرى من اللبنانيين تقف خلف مؤسسات الدولة.
من جهته، شدد رئيس الحكومة نواف سلام على أن”لا أحد يملي على الحكومة قراراتها”، مؤكداً أن التلويح بالحرب الأهلية مرفوض كلياً، ومجدداً أن”لا حزب مخول بحمل السلاح خارج إطار الدولة اللبنانية”. كما حذر من التصرفات غير المسؤولة التي تحرض على الفتنة، فيما عبر وزراء ونواب عن إدانتهم لما اعتبروه”تهويلًا وابتزازًا سياسيًا”.
ورغم التهديدات، يرى مراقبون أن الحزب يواجه مأزقًا حقيقيًا بين الانتقال إلى حزب سياسي بحت أو التمسك بخيار السلاح. ويشير محللون إلى أن الحزب قد يلجأ إلى تعطيل عمل البرلمان عبر سحب وزرائه وحلفائه، أو محاولة تحريك الشارع لإشاعة أجواء ترهيب، غير أن أي مواجهة مع الجيش ستكون ذات تداعيات كبرى وستقلب الأغلبية الشعبية ضده.
على الصعيد الإقليمي، يرى خبراء أن خوض الحزب حربًا جديدة مع إسرائيل سيكون”مدمرًا” نظرًا لتراجع خطوط إمداده وتضرر قدراته اللوجستية بعد الحرب السورية. المحلل العسكري رياض قهوجي لفت إلى أن الحزب”خسر الكثير من عناصر قوته السابقة”، فيما رجح نيكولاس بلانفورد من “أتلانتيك كاونسل” أن الحزب سيحاول”كسب الوقت” في المرحلة المقبلة؛ لأنه “يستحيل أن يوافق على نزع سلاحه بالكامل”.
التصعيد يأتي بعدما أقرت الحكومة اللبنانية مطلع الشهر الحالي خطة لحصر السلاح بيد الدولة، وكلفت الجيش إعداد آلية لتسليم سلاح حزب الله، على أن تقدم قبل نهاية أغسطس، وتنفذ تدريجياً حتى نهاية العام 2025. لكن الحزب أعلن رفضه القاطع، معتبراً القرار”غير موجود”، فيما نظّم أنصاره مسيرات بالدراجات النارية في عدة مناطق رفضًا للقرار.
وبين التصعيد في الداخل، والمواجهة المحتملة مع إسرائيل، واحتمال القبول في نهاية المطاف بالتحول إلى العمل السياسي، تبدو خيارات حزب الله معقدة ومفتوحة على كل الاحتمالات، غير أن مراقبين يجمعون على أن أي صدام أهلي سيشكل تهديداً وجودياً للحزب وللسلم الأهلي في لبنان، الذي يعيش مرحلة حساسة وتأسيسية، بحسب تعبير جعجع.
تحذيرات من التخريب والفتنة.. تهديدات حزب الله تثير عاصفة غضب في لبنان
