مقالات الكتاب

السوبر السعودي يفقد وصيف العالم

كأس السوبر السعودي، التي تدور رحاها هذا العام في هونج كونج بالصين، ستجذب اهتمامًا كبيرًا من الإعلام الرياضي العالمي، لما تحمله من نجوم بارزين وأسماء لامعة تتصدر عناوين كرة القدم الدولية؛ فوجود أسماء بحجم كريم بنزيما، وكريستيانو رونالدو، وساديو ماني، وكومان، ورياض محرز، يمنح البطولة زخماً جماهيرياً لا يمكن إنكاره، غير أن هذا الوهج على سطوعه لا يمكن أن يُعوض الغياب الأبرز والأكثر تأثيرًا، وهو غياب نادي الهلال، وصيف العالم، وصاحب البصمة التي لا يمكن أن تمحى من تاريخ كرة القدم الآسيوية والعالمية،
الهلال ليس مجرد فريق يشارك في البطولات، بل هو قيمة رياضية قائمة بذاتها، هذا الفريق الذي شرف الكرة السعودية في كأس العالم للأندية؛ حينما قدّم عروضًا مبهرة أمام عمالقة اللعبة، فقد أحرج ريال مدريد بطل أوروبا التاريخي، وأقصى مانشستر سيتي بطل أوروبا والعالم في الموسم الماضي، ليؤكد أن الهلال ليس ضيف شرف؛ بل منافس حقيقي على أعلى المستويات. إن قيمة الهلال لا تُقاس فقط بعدد نجومه أو أسماء لاعبيه، بل بإرثه وتاريخه، وبالروح التي يحملها، وبالثقل الذي يفرضه أينما حلّ.
من هنا، فإن غياب الهلال عن السوبر السعودي يفقد البطولة ركنًا أساسيًا من قوتها؛ فالهلال اعتاد أن يكون أحد أضلاع المنافسة الكبرى في كل المحافل المحلية والإقليمية والدولية، في ذاكرة البطولات، لم يكن غريبًا أن نرى الهلال يهزم الاتحاد والنصر في السوبر السعودي؛ حتى وهو يلعب خارج حدود المملكة، الأمر الذي يعكس شخصيته الاستثنائية في هذه البطولة، ويُبرز مكانته التي لا ينافسه فيها أحد.
صحيح أن تواجد النجوم الكبار يضفي نكهة خاصة على البطولة، لكن الحقيقة أن القيمة الكروية لا تُبنى على الأسماء وحدها، يمكن أن تشتعل المدرجات برؤية رونالدو أو بنزيما أو محرز، لكن التاريخ لا يخلّد مجرد الأسماء؛ بقدر ما يخلّد الأندية التي تُترجم البطولات إلى إنجازات فعلية، والهلال في هذا السياق ليس مجرد مشارك، بل هو مدرسة كروية متكاملة؛ صنعت لنفسها هوية خاصة، ووضعت الكرة السعودية في الصف الأول عالميًا.
الهلال بما يمثله من رمز واعتبار، هو”المعيار” الذي يُقاس عليه التفوق. حضوره يمنح البطولة شرعيتها الكاملة، وغيابه يترك فراغًا لا يُملأ؛ مهما تكدست الأسماء الأجنبية الكبيرة؛ فالهلال لم يكن بحاجة إلى لاعب واحد؛ ليصنع مجده، بل هو الكيان الذي صنع نجومًا وأبهر جماهير العالم بأدائه، حتى أصبح علامة فارقة تُحترم وتُقدر أينما ذُكر اسمه،
اليوم، ونحن أمام نسخة صاخبة إعلاميًا من السوبر السعودي، تبقى الحقيقة واضحة، أن البطولة ستفتقد فارسها الأزرق الذي رفع راية الوطن عاليًا في المحافل الدولية، وأثبت أن الكرة السعودية لا تقل شأنًا عن أي قوة كروية في العالم. وبالرغم من الأضواء المسلطة على الأسماء الكبيرة التي ستزين الملاعب الصينية، إلا أن غياب الهلال سيبقى ثغرة واضحة في هذه النسخة، ثغرة ستجعل النقاد والجماهير على حد سواء يتساءلون كيف سيكون المشهد لو كان وصيف العالم حاضرًا في هذا المحفل؟
في النهاية، يظل الهلال القيمة التي تتجاوز حدود الملاعب، والرمز الذي يضيف للبطولة أكثر مما تأخذ منه، وبكل المقاييس، فإن السوبر السعودي سيفتقد الهلال؛ مهما تواجد بنزيما ورونالدو وماني وكومان ومحرز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *