مشكلة الغياب في المدارس، وبالذات الغياب الجماعي أصبحت تحدياً كبيراً يواجه وزارة التعليم للأسف!! ورغم المحاولات والدراسات وقرارات العقوبات الكثيرة للحد منه إلا أنها لم تحقق الهدف وباتت المدارس في نهاية الأسبوع شبه خالية من الطلاب والطالبات، اليوم قرأت قراراً لوزارة التعليم يقضي بأن تجاوز الغياب ١٠٪ بدون عذر يحرم الطالب الانتقال للعام التالي، وهذا قرار عقابي أعتقد أنه لن ينجح!! وقد سبقه قرارات عديدة كلها فشلت؛ فقد كان الغياب يحتسب ضمن درجات المواظبة، وهذا طبيعي لكنه لم يكن مجدياً، ثم جاء قرار ربط الغياب بالحرمان من دخول الاختبار النهائي، وهذا القرار فقد قوته بسبب التهاون في تطبيقه وضغط الأهالي، ثم كان تحفيز الطلاب والطالبات المتميزين في الحضور بالمكافآت والجوائز، ولم تنجح الفكرة لأنها جوائز لم ترق لميول وطموح الطلبة والطالبات؛ بمعنى أنها كانت أقل من عادية وغير محفزة!! ثم لاح في الأفق قرار يقضي بسجن ولي الأمر أنا لازلت غير مصدقة لهذا القرار، لكن لا أستبعده فقد (بلغ السيل الزبى عند الوزارة) وقد تكون وجدت في عقاب ولي الأمر حلاً، لكن بالطبع هذا القرار مات في مهده ولم يرَ النور، ومن الخير أنه انتهى قبل أن يبدأ!! وكثيراً ما تصلني فيديوهات من معلمين ومعلمات يصورون المدرسة، وهي خالية من الطلاب والطالبات يوم الخميس، أو بعض الفصول ليس فيها سوى طالبين أو ثلاث طالبات!! وهنا تقع على عاتق المدرسة وإدارة التعليم والوزارة بعدم تجاهل هؤلاء الذين التزموا بالحضور. ألا يستحقون التكريم وأسرهم في سنابات التعليم ومواقع التواصل ولوحات المدارس، وذكر عبارات محفزة لهم ولغيرهم، حتى لو لم يكونوا متفوقين ألا يكفي أنهم ملتزمون!! فالتزامهم بحد ذاته قيمة عالية تستحق التشجيع والتقدير! الحقيقة أن الغياب مشكلة كبيرة ومعالجتها ضرورة أكبر والمسؤولية في القضاء عليه تتشارك فيها وزارة التعليم والإدارات التعليمية والمدارس (إدارة ومعلمين ومعلمات) والأهالي بدون شك، الذين يتحملون جزءًا من هذه المسؤولية، إن لم يكن جُلَها حيث تقع على عاتقهم مسؤولية تربية الأبناء على الالتزام، واحترام دور العلم التي بنهاية المشوار فيها يحقق الإنسان طموحاته ويخدم دينه ووطنه وأهله، ويرتقي بين الناس ديناً وعلماً وخلقاً!! على الأهل أن يربطوا بين المدارس والحياة الكريمة. أشعروا أبناءكم أن العلم طريق المستقبل، قولوا لهم الكثير مما يعزز في نفوسهم احترام الانضباط!! أوجدوا لهم الحوافز والعقوبات ليتعلموا الانضباط!! ثم دعوني أتوقف عند نقطة هامة جداً وحقيقة أنا مقتنعة بها أيما قناعة، ألا وهي أن يحب الطلاب والطالبات المدرسة قد تسألون كيف؟؟ أقول من واقع تجارب وخبرة ودراسة لابد أن يبدع المعلم والمعلمة في عرض الدروس والتعامل مع الطلاب والطالبات، وكأنهم زملاء النزول لمستوى تفكيرهم وتبسيط المعلومات؛ حتى يشربها الطالب حتى ولو لم يكن يحبها فليس من السهل أن يحب الدارس كل المواد التي يدرسها هناك مواد تشكل عقبة ثقيلة عنده، وهنا دور المعلم والمعلمة، من المهم جداً أن يكون المعلم قريباً من طلابه هاشاً باشاً طلق الوجه باسم المحيا، صاحب لسان معسول وكلمات راقية ليقترب من درسه الجميع!! واعذروني لو ذكرت لكم تجربتي مع التدريس ليس من باب الغرور (نعوذ بالله من ذلك) وإنما من باب التأكيد على ما ذكرت، حين كنت معلمة، أذكر أنه يوم حصتي في الفصل الغياب يكاد يكون معدوماً في الفصول التي أدخلها ذلك اليوم؛ حباً من الطالبات في المادة، كما أذكر أن الدور الثاني في مادتي كان أيضاً أشبه بلا يوجد، وأنا شديدة في وضع الدرجات، لكنني أقرب ما أكون من الطالبات عند شرح الدروس التي كانت علماً وتربية وأخلاقاً!! أتمنى من وزارة التعليم- وما أكثر ما نتمنى منها- بدل إرهاق المعلمات -بالأعمال- والدورات- والرخص المختلفة- تهيئتهن ليكن بأساليب أدائهن سبباً في ندرة الغياب أو غيابه تماماً، ويحسب ذلك لكل معلم ومعلمة في تقييمهم!! أتمنى أن تربط الوزارة التربية بالتعليم؛ فالتربية تعطي الدروس نكهة مختلفة وشغفاً غير، فقد ابتعد كثيرون عن مزج التربية بالتعليم بحجة أن الوزارة ليست إلا للتعليم فقط للأسف!! كما أتمنى من الوزارة أن تضع للمرحلة الثانوية بالذات تقييماً تراكمياً معلوماً للغياب يؤثر على القبول في الجامعة!! ودمتم.. (اللهم زد بلادي عزاً ومجداً وزدني بها عشقاً وفخراً).
غياب الطلبة والطالبات وعقوبات الوزارة!!
