انطلقت منافسات دوري روشن للمحترفين بخطوة أولى مثيرة كشفت عن ملامح موسم استثنائي، حيث برزت الفرق الصاعدة للمسابقة” نيوم والنجمة والحزم” بمستويات لافتة منذ الجولة الأولى، وجاء حضورها مختلفاً، وكأنها عازمة على أن تكون رقماً صعباً في سباق الكبار. الحزم تحديداً يمتلك خبرة متراكمة في هذه المساحة، وهو يدرك جيداً كيف يتعامل مع أجواء المحترفين، بينما النجمة، الذي كان يوماً ما فريقاً يشار له بالبنان، بدا وكأنه يبعث رسالة واضحة بأن عودته ليست مجرد ذكرى، بل محاولة جادة لاستعادة بريقه التاريخي. أما فريق نيوم فقد خطف الأنظار؛ إذ جاء مجهزاً بعناية، يحمل طموح مشروع المدينة التي استمد منها اسمه، ورغبة في أن يصنع لنفسه مكانة بارزة في خارطة الكرة السعودية.
في المقابل، جاءت النتائج صادمة لفرق تملك اسماً وثقلاً كبيراً؛ فالشباب، شيخ أندية الوسطى، تعرض لخسارة قاسية أمام الخليج، وهي لا تبدو عابرة، بل مؤشر خطير إذا استمرت الأوضاع على هذا النحو. فالليوث يملكون إرثاً ثرياً، لكن الأداء المتواضع في الافتتاحية قد يضعهم في دائرة الخطر مبكراً، ما لم يعالجوا أخطاءهم سريعاً، والتعاون هو الآخر لم يكن في أفضل حالاته، حيث ظهر بصورة مفككة وفاقدة للهوية التي ميّزته في المواسم الماضية، ولم يعد”سكري القصيم” هو ذلك الحصان الجامح القادرعلى مقارعة الكبار.
أما الرباعي التقليدي في الصدارة” الهلال والاتحاد والأهلي والنصر” فقد أرسل إشارات مبكرة على جاهزيته الفنية العالية؛ إذ ظهروا في الجولة الأولى باستقرار يعكس حجم العمل الذي تم خلال فترة التحضير. الهلال بدا واثقاً ومرناً في أدائه، الاتحاد واصل حضوره كفريق متماسك وطموح، فيما أظهر الأهلي والنصر ملامح فريقين قادرين على الدخول في معترك المنافسة منذ البدايات، وهو ما يعني أن سباق القمة سيبقى مشتعلاً بينهم- كما اعتدنا في السنوات الأخيرة.
ولعل الأثر الأوضح في هذه الانطلاقة يعود إلى كأس السوبر السعودي، الذي أقيم قبل أيام قليلة، حيث كانت البطولة بمثابة اختبار حقيقي منح الفرق المشاركة فرصة للوصول إلى مؤشر عالٍ من الجاهزية. انعكس ذلك بوضوح في الجولة الأولى من الدوري؛ إذ بدا اللاعبون في كامل استعدادهم البدني والذهني، وأظهرت الفرق أنها استفادت من الاحتكاك المبكر في بطولة قوية رفعت من إيقاع المنافسة.
المتابع لما جرى في هذه الجولة يدرك أن ملامح الصراع بدأت تتضح مبكراً، فهناك أندية ترسل إشارات طموح، وأخرى تستشعر الخطر، وبين هذا وذاك يتشكل مشهد عام ينذر بموسم لن يكون سهلاً على الإطلاق. القادمون من الخلف يتسلحون بالحماس، وأصحاب القمة يملكون الخبرة، والكل يدرك أن مساحة التراخي معدومة في بطولة لا تعترف إلا بالأقوى والأكثر جاهزية.
إنها مجرد الخطوة الأولى، لكنها كافية لترسم صورة أولية لموسم مختلف؛ موسم يبدو أنه لن يحتمل الرتابة ولا الحسابات التقليدية. فدوري روشن في نسخته الجديدة بدأ ساخناً منذ صافرة الانطلاقة، والتنافس المحموم الذي لاح في الأفق يوحي بأن المشوار القادم سيكون مليئاً بالمفاجآت، وأن السباق نحو القمة سيظل مفتوحاً لكل من يملك الجرأة والطموح.
الخطوة الأولى مثيرة
