الفتور النفسي؛ حالة يمر بها الكثيرون دون أن يجدوا لها اسمًا واضحًا. ولا يصنف على أنه حزن كامل ولا اكتئاب صريح، بل فراغ داخلي؛ يجعل الإنسان يشعر بأن شيئًا ما انطفأ في روحه. الأعمال تُنجز، الأيام تمضي، لكن كل شيء يبدو بلا لون ولا طعم، وكأن القلب فقد حماسه المعتاد.
يختلف الفتور عن التعب الجسدي؛ فالتعب يزول بالراحة والنوم، بينما الفتور يظل حاضرًا حتى بعد ساعات طويلة من الاسترخاء. هو إرهاق معنوي يظهر غالبًا بعد ضغوط مستمرة، أو خيبات متكررة، أو حتى بعد إنجازات لم تمنح النفس شعورًا بالامتلاء. هنا يشعر الفرد وكأنه يؤدي أدواره اليومية بروح غائبة.
تتمثل خطورة الفتور النفسي في أنه يسرق الحياة بهدوء. لا يُحدث صخبًا ولا ألمًا ظاهرًا، بل يجعل الإنسان يتكيف مع الباهت وكأنه طبيعي. ومع مرور الوقت قد يفقد الشخص ارتباطه بما يحب، وتضعف علاقاته الاجتماعية، ويتحول الصمت الداخلي إلى عادة يصعب كسرها.
مواجهة الفتور تبدأ بالوعي. الاعتراف بوجوده خطوة أساسية، تليها محاولة البحث عما يعيد للروح بريقها. قد يكون ذلك عبر ممارسة أنشطة بسيطة تثير المتعة، أو العودة لهوايات قديمة، أو حتى كسر الروتين بتجربة جديدة. كذلك فإن الحديث مع صديق أو طلب المساندة النفسية؛ قد يفتح نافذة تساعد على استعادة التوازن.
في النهاية، الفتور النفسي ليس نهاية الطريق، بل إشارة لطيفة من الداخل تخبرنا أن الروح تحتاج إلى عناية. هو دعوة لإبطاء الإيقاع، لإعادة النظر في اختياراتنا، وللسماح لأنفسنا بأن نعيش بصدق لا بمجرد تكرار رتيب للأيام. حين نسمع هذه الرسالة ونتجاوب معها، يعود للحياة طعمها، وللروح بريقها من جديد.
fatimah_nahar@