كم مرة نرى صورًا و فيديوهات لأكبر مائدة أقيمت، ونرى أكبر طبق للأرز وضع أمام عدد من الأشخاص يعدون على أصابع اليد الواحدة. وفيديو آخر لثلاثة أشخاص وقد وضع أمام كل واحد منهم خروف كامل. البعض يرى أن ذلك من الكرم “الحاتمي”، وأنه يشير إلى أهمية الضيف وكرم المستضيف. ولو يعلم هؤلاء أنهم يخالفون كلام الله
تعالى، الذي قال في كتابة الكريم”كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ”.
و قال الرسول عليه افضل السلام: “بِئْسَ الطَّعَامُ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ؛ يُدْعَى إِلَيْهَا الأَغْنِيَاءُ، وَيُتْرَكُ الفُقَرَاءُ”. وظاهرة التفاخر ليست فقط في إقامة الولائم، ولكنها أصبحت جزءًا من حياتنا، فمن شراء أغلى جوال أو حقيبة نسائية بعشرات الألوف، أو سيارة فاخرة بالملايين لمجرد التفاخر. ولو نظرنا إلى أغنياء العالم؛ مثل مالك مايكروسوفت، أو مالك موقع “الفيس بوك” نجد أنه لا يلبس إلا ملابس بسيطة ورخيصة، ولا ينفق أمواله الكثيرة على المظاهر.
المشكلة أن أغلب من يفعل ذلك لا يملك المال الكافي، وينفق من قروض البنوك وكروت الدين. بل إنه قد يسافر إلى أغلى الدول، ويدفع التكاليف بالقسط لشهور طويلة.
الناس استسهلوا إنفاق ما لا يملكون لمجرد التفاخر، وحتى لا يكونوا أقل من أقرانهم من الناحية المادية.
زمان كان الناس يقولون” مد لحافك على قد رجولك” حتى لا ينفق أحدهم كل ما يملك، ثم يجلس يندب حظه، ويلجأ إلى الاستدانة من الناس. والدين هم بالليل وذل بالنهار وحمل ثقيل على الرجال.
و الرسول- عليه السلام- علمنا الاستعاذة من “غلبة الدين” .
ولعل البنوك الآن وشركات القروض سهلت للناس إنفاق ما لا يملكون، وشجعتهم على ذلك، فألامر بالنسبة لهم تجارة، وربح مضمون. وبالنسبة للمقترض فهو يحس في البداية أنه حصل على أموال كثيرة دون مجهود؛ لتحقيق بعض أحلامه، ليفيق منها على سجن الديون.
و لايزال البعض منا يذكر ما حدث أيام ارتفاع الاسهم وتضاعف قيمتها؛ حيث أخذ البعض القروض من البنوك للتجارة في الأسهم؛ طمعًا في المكاسب السريعة والسهلة، وعند انهيار الأسعار قامت البنوك ببيع الأسهم للحصول على مالها وتركت العميل مع خسائره.
المشكلة أن المظاهر والتفاخر أمراض منتشرة بين البعض، والقروض وسيلة للاستمرار فيها، حتى أصبحت تلك القروض نمطًا للحياة لا يفلت منه إلا القليل.
الإسراف وإنفاق ما لا نملك
