البلاد (الخرطوم)
شهد السودان خلال الأيام الثلاثة الماضية موجة فيضانات جديدة ضربت مناطق متفرقة على ضفاف النيلين الأزرق والأبيض، وسط تحذيرات حكومية بـ”إنذار أحمر” من اتساع رقعة الكارثة، في وقت تجدد فيه الجدل حول دور سد النهضة الإثيوبي في تفاقم الأزمة.
ورغم أن حجم الخسائر المعلَن حتى الآن يظل محدودًا مقارنةً بالسنوات الثلاث الماضية، التي أودت بحياة مئات السكان ودمّرت آلاف المنازل والبنى التحتية، إلا أن المشهد الميداني ما زال مقلقًا. فقد غمرت المياه أحياءً في جنوب الخرطوم مثل “الكلاكلة”، فيما تضررت ولايتا سنار والجزيرة؛ جراء ارتفاع مناسيب النيل الأزرق، دون تسجيل وفيات حتى اللحظة.
وحذرت زارة الري السودانية من مخاطر استمرار الفيضانات، قبل أن يشهد منسوب النيل الأزرق تراجعًا نسبيًا، في حين ظل النيل الأبيض – القادم من بحيرة فكتوريا – عند مستوياته المرتفعة، وهو ما أدى إلى اتساع دائرة الغمر المائي في المناطق الواقعة جنوب العاصمة.
افتتاح سد النهضة رسميًا في التاسع من سبتمبر الجاري، بسعته التخزينية الضخمة البالغة 74 مليار متر مكعب، ألقى بظلاله على أزمة الفيضانات. فبينما يرى خبراء أن ملء الخزان في ذروة موسم الأمطار ساهم في تدفق كميات غير اعتيادية بلغت 750 مليون متر مكعب عبر بوابات التصريف نحو السودان، يؤكد آخرون أن ما يجري لا يختلف كثيرًا عن فيضانات سابقة ضربت البلاد قبل تشغيل السد.
ويشير مختصون آخرون إلى أن النيل الأبيض يشهد منذ أربع سنوات زيادة مطّردة في إيراداته، حيث تضاعف المتوسط السنوي من 29 مليار متر مكعب إلى 58 مليار، وهو ما يفسّر اتساع الفيضانات جنوب الخرطوم بعيدًا عن النيل الأزرق.
وبينما يستمر الجدل بين من يحمّل سد النهضة مسؤولية الفيضانات ومن يعتبرها امتدادًا لدورات طبيعية متكررة، يبرز صوت خبراء مثل المهندس نبيل النوراني الذي شدّد على ضرورة تنسيق كامل بين السودان وإثيوبيا في ما يتعلق بإدارة بوابات السد وتوقيتات الملء، مستشهدًا بتجارب تعاون سابقة بين البلدين.
فيضانات السودان تثير الجدل بشأن سد النهضة
