أظن أن كثيرين منا لم يفهم وجود بعض الأدوية على أرفف مراكز التموين، سواء لدينا أو في الدول الغربية، تلك هى العقارات التى لا تحتاج لوصفة طبية لمن يقرر استعمالها، بناء على التأكد من سلامتها، و أشهر هذه الأدوية عقار الباراسيتامول، وهو الذي يؤخذ لتخفيض درجة حرارة الجسم وللتغلب على الألم، و يعرف في الجهة الأمريكية من العالم باسم أسيتامينوفين،
وقد اشتهر بأسمائه التجارية العديدة فهو نفسه البنادول، والتيلينول والفيفادول والكاربول.
معظم هذه الأدوية التى تم إثبات سلامتها بالتجربة على الإنسان، لم يتم تجريبها على الحوامل، وذلك لأن معظم التجارب الدوائية تستثنى الحوامل، بل و تشترط استخدام موانع الحمل للنساء خلال فترة أخذ الدواء خلال التجارب الإكلينيكية. وتأثير الأدوية السلبى على الحوامل يًعرف في حالة نشوء أعراض جانبية على الأم، أو تشوهات جسدية على الجنين أو على الطفل خلال أشهر عمره الأولى. ولكن ماذا عن التأثيرات السلبية للدواء التى لا تظهر إلا على المدى البعيد؟ يعنى عند عمر سنتين أو ثلاثًا أو أكثر، خاصة وأنه في حالة تعاطى أدوية دون وصفة طبية، يصبح من الصعب التأكد من أخذ هذه الأدوية اعتمادًا على ذاكرة الأم فقط.
بدأ الاعتماد الواسع على عقار الباراسيتامول في منتصف ثمانينيات القرن الميلادى الماضى، وذلك بعد أن تم التحذير من أدوية أخرى، كان يتم تعاطيها لخفض الحرارة، وما زال استخدام الباراسيتامول في تزايد. و قد لاحظ بعض الباحثين أن فترة التوسع في استخدام الباراسيتامول قد ترافقت مع الزيادة في تشخيص أمراض سلوكية عصبية مثل” التوحد” و مرض” فرط الحركة وتشتت الانتباه”، وهنا بدأت الشكوك تحوم حول هذا العقار، بمعنى هل كان تعاطى عقار الباراسيتامول السبب في زيادة حالات التوحد، وحالات فرط الحركة وتشتت الانتباه؟ أم أن المسألة كانت نوعًا من التوافق غير المترابط ! القائلون بعدم وجود علاقة عبروا عن تشككهم بطرافة، قائلين: هل زيادة استهلاك الآيس كريم خلال شهور الصيف مسئول عن زيادة حالات الغرق خلال نفس الشهور؟!
ٱخرون أشاروا إلى أن زيادة عدد حالات التوحد، وحالات تشتت الانتباه إنما حدثت بسبب زيادة القدرة على تشخيص هذه الحالات، التى لم تكن معروفة للطب من قبل، وكذلك زيادة الوعي بوجود هذه الحالات و ضرورة علاجها، وربما يكون هذا العقار بريئا من هذه التهمة. ولكن كل ذلك أدى إلى زيادة الأبحاث لإثبات أو نفي هذه المسألة. بعض هذه الأبحاث زادت من الشك في وجود علاقة مريبة بين تعاطى البنادول وهذه الأمراض، و بعضها جعل الشك متعلقًا بجرعة الدواء المستخدمة لا بمجرد أخذ الدواء، وحيث إن النتائج لم تكن قاطعة، فأين تكمن الحقيقة.
وهل هناك من مبرر لاستمرار بعض الأطباء في وصف هذا الدواء؟ ( يتبع)
SalehElshehry@
