السياسة

وسط حضور شعبي وأمني مكثف.. بدء أول محاكمة علنية تطال المتورطين بانتهاكات «الساحل»

البلاد (حلب)
شهدت مدينة حلب أمس (الثلاثاء)، حدثاً قضائياً غير مسبوق مع انطلاق أولى الجلسات العلنية لمحاكمة المتهمين بارتكاب الانتهاكات خلال أحداث الساحل السوري التي اندلعت مطلع مارس الماضي، في خطوة وصفت بأنها الأكبر في مسار العدالة منذ سقوط النظام السابق.
المحاكمة، التي جرت في قصر العدل بحلب ونُقلت مباشرة عبر وسائل الإعلام، شملت 14 موقوفاً، نصفهم من عناصر النظام السابق والآخرون متهمون بارتكاب جرائم بحق مدنيين، وتم تقسيم الجلسة إلى قسمين: الأول خُصص لمحاكمة 7 أشخاص بتهم إثارة الفتنة الطائفية والسرقة والاعتداء على قوى الأمن الداخلي والجيش، فيما تناول القسم الثاني محاكمة عناصر منفلتة متهمة بالسرقة والقتل.
وشهدت الجلسة استجواب عدد من المتهمين، بينهم شخص اتُّهم بالتواصل مع ضباط سابقين، منهم الضابط أحمد صالح من الحرس الجمهوري، إضافة إلى اتهامات تتعلق بتصوير مقاطع فيديو “تحريضية” تحدثت عن وجود مئات العناصر الموالية للنظام السابق خارج البلاد.
وبحسب وزارة العدل السورية، استندت المحاكمة إلى ملفات رقمية ومحادثات تم استخراجها من أجهزة الهواتف المحمولة للموقوفين، تضمنت أدلة على تورط عدد منهم في جرائم بحق عناصر الأمن العام وقوات وزارة الدفاع، إلى جانب وثائق تربط آخرين بانتهاكات استهدفت المدنيين.
وحضر الجلسة عدد كبير من ذوي الضحايا، وسط انتشار مكثف لقوات الأمن العام في محيط القصر العدلي، في مؤشر على حساسية الملف وارتفاع مستوى الاهتمام الشعبي والإعلامي به.
وأكدت مصادر قضائية أن هذه الجلسات ليست سوى البداية، مشيرة إلى أن أكثر من 560 شخصاً متهمون بالتورط في أحداث الساحل سيخضعون لمحاكمات علنية خلال الفترة المقبلة، إضافة إلى ملفات أخرى تتعلق بجرائم ارتُكبت في السنوات الـ14 الماضية.
مصدر حقوقي في دمشق أوضح لوكالة الأنباء الألمانية أن المحاكمة الحالية هي “حصيلة عمل استمر أكثر من ستة أشهر”، مضيفاً أن الاعترافات العلنية التي أدلى بها المتهمون ستقود إلى فتح ملفات اتهام جديدة ضد داعمين ومشاركين آخرين في الانتهاكات.
وكان رئيس اللجنة الوطنية للتحقيق في أحداث الساحل، القاضي جمعة العنزي، أكد في منشور على منصة “إكس” أن المحاكمات ستكون مفتوحة للإعلام المحلي والدولي، معتبراً بدء الجلسات “محطة مهمة لذوي الضحايا وللمعنيين بمسار العدالة”.
وتعود أحداث الساحل التي فجّرت هذا المسار القضائي الواسع إلى السابع من مارس الماضي، حين شهدت المنطقة موجة من العنف خلفت قتلى من المدنيين وعناصر الأمن العام وقوات وزارة الدفاع، إضافة إلى سقوط عناصر من النظام السابق، في واحدة من أعنف المواجهات التي شهدتها البلاد خلال العام الجاري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *