البلاد (الخرطوم)
يشهد إقليم كردفان وسط السودان تصعيداً عسكرياً متسارعاً بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، في تطور ينذر بمزيد من التعقيد للأوضاع الإنسانية المتدهورة أصلاً، ويهدد بقطع شرايين الإمداد الحيوية بين شمال وجنوب الإقليم.
وأكد وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم حكومة ولاية شمال كردفان، عبدالمطلب عبدالعال، أن قوات الدعم السريع تواصل استهداف الطريق القومي الذي يربط مدينة الأبيض بمدينتي الدلنج وكادوقلي في جنوب كردفان، وهو طريق إستراتيجي يُعد شرياناً رئيسياً لنقل السلع والإمدادات الإنسانية. وأوضح أن الهجمات طالت شاحنات تجارية تحمل مواد غذائية وأدوية منقذة للحياة، مشدداً على أن تلك الشاحنات لا تحمل أي معدات أو إمدادات عسكرية.
وأشار عبدالعال، وفقاً للعربية، إلى أن مدينة الأبيض باتت تستضيف أكبر عدد من النازحين في البلاد، بعد أن أجبرتهم ظروف الحرب على الفرار من ولايات كردفان ودارفور، محذراً من أن استهداف القوافل المدنية يعمّق معاناة المدنيين ويهدد حياة آلاف المرضى والمحتاجين.
ودانت حكومة شمال كردفان ما وصفته بـ”الانتهاكات المتكررة” بحق الأعيان المدنية، داعية الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية إلى مضاعفة جهودها الإغاثية، في ظل الارتفاع المتواصل في أعداد النازحين ونقص الغذاء والدواء.
وفي تصعيد أكثر خطورة، أعلنت شبكة أطباء السودان مقتل 9 أشخاص وإصابة 17 آخرين، جراء قصف مدفعي نفذته قوات الدعم السريع على مستشفى الدلنج العسكري في ولاية جنوب كردفان. ونددت الشبكة بما وصفته بالاستهداف الممنهج للمؤسسات الصحية والعاملين فيها، محمّلة قيادة الدعم السريع المسؤولية الكاملة، ومطالبة المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.
ويأتي قصف مستشفى الدلنج بعد يوم واحد من غارة بطائرة مسيّرة استهدفت قاعدة لبعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في كادوقلي، وأسفرت عن مقتل ستة من عناصر حفظ السلام. وبينما حمّل الجيش السوداني قوات الدعم السريع مسؤولية الهجوم، نفت الأخيرة ضلوعها في الحادثة.
وعلى وقع هذا التصعيد، بدأ الاتحاد الأوروبي تسيير جسر جوي لنقل المساعدات الإنسانية إلى دارفور، في محاولة لاحتواء التدهور الحاد في الأوضاع المعيشية. وانطلقت أولى الرحلات الجوية في 12 ديسمبر، حيث تم تسليم نحو 100 طن من الإمدادات الحيوية من مستودعات الاتحاد الأوروبي والمنظمات الشريكة.
وأوضح الاتحاد أن الرحلات ستستمر خلال شهري ديسمبر 2025 ويناير 2026، بتكلفة إجمالية تبلغ 3.5 مليون يورو، مشيراً إلى أن الوضع الإنساني في دارفور ازداد سوءاً عقب سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في الإقليم.
قطع شرايين الإمداد الإنساني.. «الدعم السريع» يعمق الأزمة بالتصعيد في كردفان
